إن سياسات الدول الاقتصادية والسياسية والعسكرية وعلاقاتها الأخرى المرتبطة ارتباطاً وثيقاً مابين تلك الدولة والدول الأخرى تبنى على تقدير جلب المصالح ودرئ المفاسد وهذا أمر شرعي معروف لتسيير البلاد لما فيه نفع العباد، وبنفس الوقت فإن أهل الحل والعقد ينظمون تلك المصالح التي تبنى على العلاقات الفردية كعلاقة الحاكم مع الحاكم أو علاقة الحاكم مع شعب من الشعوب وكل ذلك من أجل أن يكون المنتفع الأكبر هو الشعب بالدرجة الأولى، ولهذا فقد أوجد الشرع مجلس الشورى لكي يتداول هذا المجلس كل القضايا التي تخص البلاد فتُدرس المواضيع من قبل متخصصين ثم ترفع لمن يبت فيها أو يصوت عليها وبهذا تجد أن الكثير من هذه القرارات تكون سليمة وناجحة ونافعة للشعب في حاضره ومستقبله.
ولكن في زمن أصبحت فيه المقاييس والمعايير تبنى على مصالح فردية كمصلحة الحاكم مع الشعوب الأخرى أو الحاكم مع الحاكم الآخر فصرنا نرى بوضوح أن قرارات بعضهم ( أهدى وأعطى وصرف وبنى … الخ ) هي قرارات فردية لم تبنَ على شيء مما قدمناه وهذا لاشك أنه الفشل بعينه وقبل ذلك فهو يمثل الجبروت والأنانية في اتخاذ القرارات.
فبعد أن تصرف الأموال إلى جهة معينة تجد هذا الحاكم بين عشية وضحاها ينقلب تماماً على أفكاره السالفة ثم أن هذا القرار نفسه الأناني المتعند يتحول إلى جهة أخرى من غير شورى ومن غير معاينة ولا دراسة أو مراعاة للمصلحة العامة .. أو قد يموت هذا الحاكم فيتولى من بعده من يُسَفّه كل هذه القرارات ويبدأ من نقطة جديدة تبعاً لهواه كسلفه فتجد سياسته تغيرت واتجه الاتجاه الآخر المخالف لسلفه في كل ماذكرنا أو بعضه وهكذا تبنى علاقات معظم الدول التي تفتقر إلى الشورى فهذه تعدُّ سياسة فاشلة لاترتقي بالبلد إلى المستوى الحضاري الذي يسود في البلدان المتحضرة وبالمقابل تجد الدول الأخرى المتقدمة تنتهج منهج علاقات ليس للحاكم فيه شأن بل هي علاقات الشعب مع الشعوب وهذا كله من خلال مجالسهم المنتخبة والتي ترعرع فيها هذا النائب أو ذاك على أن الحاكم لاعلاقة لهُ بهذه العلاقات والتي تعمل لصالح دوران عجلة الازدهار في البلد، فتجد أن الحاكم لايستطيع الانفراد بالقرار بل تحوطه رقابة شعبية تردعه عن كل ظلم أو استبداد.
وأنا أكتب هذه السطور أتأسف على ما حل بالأمةِ اليوم فأمة الإسلام الأصل فيها أن تكون هي راعية الشورى كما كان منهج الأولين من قادتنا قادة الهدى …. والله المستعان، هذه خاطرة أحببت أن أبوح فيها عما يجول بخاطري ثم هي تسلية لي ثم لأخوتي القراء.
فنحتاج للدعاء لكي يُصححُ المسار ويتضح ثم نحتاج للدعاء لكي نُردُّ إلى ديننا الذي فيه كل أمرنا .. هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المصدر: شؤون خليجية