مقال بقلم/ فالح الشبلي
يعد جنوب العراق أحد أجزاء الوطن العراقي ومن أهم الأماكن التاريخية فيه، فقد سكنه الإنسان الأول، وانطلقت منهُ بشائر الفتح الإسلامي، فكان من الأماكن التاريخية في العالم ومن الأماكن الإسلامية في الوقت ذاته، والتي قامت عليها الخلافات كالبصرة التي تضم الكثير من الآثار الإسلامية فكانت من المدن المهمة للمسلمين في الدعوة ونشرها واستوطنها كثير من أهل العلم وأخذ من علمائها ومفكريها وخرجت الأدباء والمفكرين والعباقرة، فالبصرة لوحدها تكاد تكون تاريخاً مستقلاً للأمة، وقد ارتحل إليها الكثير من أهل العلم واستظلوا بنخلها واعتاشوا على تمرها وتقووا منه لطلب العلم من علمائها، هي مدينة عندما تذكرها تذكر الحديث وعلومه واللغة وفروعها والشعر وفنونه والتاريخ إلى ماغير ذلك …. ولاتقلّ مناطق الجنوب الأخرى عنها كفاءة أو علماً فمدينة واسط هي التاريخ أيضاً ففيها تداول التلاميذ علمهم من مشايخهم وكتب أهل التاريخ تاريخهم وأهل السيرة سيرتهم فكانت موئلاً لأهلِ العلمِ والتاريخ واللغة إلى غير ذلك من العلوم التي شعت إلى أرجاء المعمورة.
• لقد مرّ الجنوب العراقي بأحداث كثيرة وأصابه من حوادث الشرقِ والغرب ما أصابه لأنه كان بوابة الدفاع عن الأمة فتاريخه يقول أن معظم من كانت لهُ أطماع بالعراق لابد للجنوب أن يتصدى لهُ، فلا يخفى على الجيل الحالي دخول الانجليز واحتلالهم للعراق وقد جيشوا آنذاك ملل الشرق كي يحتلوا العراق فكانت البصرة العقبة الأولى لهذا المحتل ونحن بصدد الكتابة عن هذا الاحتلال ولكننا احببنا أن نتسلسل لكي نصل إلى الاحتلال المعاصر للدولة العراقية.
• قبائل الجنوب:
سكنت الجنوب العراقي بعض قبائل العرب العريقة فاستوطنتها وتأصل الجنوب في عراقتها فارتحلوا منه وإليه بحيث تجد أن القبيلة لها في بعض مناطق الجنوب وجوداً ملموساً بحسب ثقل هذه القبيلة فيه وهي في مكان يختلف عن المكان الآخر، فنجد أن ذي قار تمتاز بقبائل قد لا تجدها في البصرة وتلك التي في البصرة لا تجدها في واسط وكذلك المثنى وهكذا في باقي المناطق قبائل عربية أصيلة توسعت في السكن في مناطق شتى، وهذا الكلام قد أصل به إلى دولة الأحواز ففيها أيضاً من القبائل العربية التي استوطنتها كجزء مباشر أو غير مباشر من قبائل جنوب العراق وأصبحت هذه القبائل تشكل الثقل بالنسبة لسكان الجنوب.
• التشيع في الجنوب
لا نريد أن نتطرق إلى بدايات نشر التشيع في جنوب العراق أو في العراق بصورة عامة فقد مر التشيع بمراحل كثيرة ابتداء بحب آل البيت وتفضليهم ليصل اليوم إلى سب الصحابة وتكفيرهم ولن يتوقف هنا، كانت له بداية ولا أعتقد أن له نهاية وقد وصل الأمر إلى الطعن بالنبي وعرضه، وقد انجرف كثير من أهل الجنوب إلى التمادي بالتشيع حتى وصلوا إلى عبادة النار فأصبحوا مجوساً من غير منافسة، ولكننا نريد أن نتطرق إلى انسيابية هذا المخطط على أهل الجنوب، فبعد الاحتلال الانجليزي للأحواز بدأ جنوب العراق يشعر بأن هناك من يحاول إدخال قبائل الجنوب السنية في التشييع إن لم نقل قبائل الوسط كذلك، وهذا بيّنٌ مشاهَد من خلال تغيير التركيبة السكانية للعراق في ذلك الوقت وتوطين الفرس الذين نسميهم في العراق ( بالعجم )، وهذه الخطوة لم تكن عفوية بل إنها مدروسة بإحكام لتهيئة هذا المكون من الشعب إلى التدرج في الانحراف عن دين التوحيد وإدخالهِ في دين المجوس فكان التشيع المحمود ثم المذموم ثم التمجس، وأخشى في قادم الأيام من التفرس أي دخول الناس من حيث لايعلمون بالعنصر الفارسي بعد أن يمسحوا هويتهم العربية فيكونوا ندا لأهلهم وتاريخهم وتراثهم من حيث لايعلمون وهذا الذي حصل للأسف في هذه الأيام فكانت القيادة الأولى لإيران في هذه المناطق.
• تقبل أهل الجنوب للمرحلة
لقد مر قبل قليل أن المخطط الفارسي قد تدرج بأهل الجنوب حتى وصل بهم إلى إدخال الشعائر المجوسية إلى الدين الشيعي ومن بعده قد يصل الأمر إلى التفرس وهذا في فئة قد تكون بسيطة ومن جهلة أهل الجنوب، فبعد أن كانت هذه المرحلة مدروسة لدى المخطِط كان عليه الانتقال بعناية وحذر حتى وصل إلى رفع صورة الخميني عدو العراق بالأمس في شوارع الجنوب، فبدأ البعض يتفاخر أنه من أتباعه بعد أن كانوا يسبونه في الشوراع والطرقات وهذا كله من باب الاستدراج الممنهج للاحتلال وطبعاً لا نريد أن نتطرق إلى الدولة التي ساعدت المحتل الفارسي في السيطرة على الجنوب أو على العراق عامة ولكن باختصار نريد التسلسل في هذا الموضوع، وعلى عكس هذه الفئة وقفت فئة أخرى من القبائل العربية الأصيلة ضد الاحتلال وهي التي حاربتها الفئة الأولى المساندة للمحتل، ولا أقول القبائل العربية من أهل السنة فقط فالشيعة كذلك قد نالوا نصيبهم كما ناله أهل السنة، فكانوا سواء في بغض هذا المحتل الطارئ في عاداته وتقاليده ولغته على المجتمع العراقي فهو غير مقبول عند أبناء القبائل العربية فنجد الفئة الأولى قد تجانست مع المحتل حتى في رطينته وتزوج منهم وزوجهم فكانت المصاهرة بينهما واضحة، والآن أصبح ابن الأخ يقتل عمهُ إرضاءً لهذا المحتل وبحمايته، وطبعاً بصرف النظر عن إرجاع هؤلاء إلى تاريخ الجنوب فهل بقى المحتل الإنجليزي ومن عاونه ؟ طبعاً لا، فهذا تاريخٌ يكرر نفسه فلن يبقى المجوس ولا من عاونهم من أهل الجنوب، نرجع إلى بداية هذا الموضوع فقد وقفت في وجه المحتل الفارسي كل القبائل العربية من غير استثناء شيعية وسنية فوقع القتل والتشريد لرموزها ومن تابعها فقتل حسب علمي بضع وعشرون شيخاً لهذه القبائل وشرد الكثير أيضا،ً فوضع المحتل قائمة بأسماء القبائل وأفرادها المعارضين لهذا الدخيل فكان مصيرهم القتل من المحتل وأعوانه ضمن هذه القائمة وهذا لا يخفى على أهل الجنوب، هذه كلمة مختصرة أحببت أن أذكر فيها الشرفاء من الأمة وأهل العراق والجنوب أسأل الله أن يحق الحق وأن يعيد العراق كاملاً إلى أبنائه البررة كي يكون سنداً لها.
• مناشدة:
أناشد أهل الجنوب ممن انجرف تحت مسمى خدمة المجوس الحذر الحذر من التاريخ كي لا يكتب أنكم خونة، وتذكروا بأن المحتل أينما كان في أي بقعة في العالم يتخذ المواطنين الأصليين سلماً يرتقي عليه إلى مآربه إن لم نقل نعالا ينتعله هؤلاء حتى يجعلوه نكرة في بلاده مع سوء السمعة لقبيلته وعشيرته أو عائلته، كما وقع لأهل فيتنام من المحتل الأمريكي، والكيّس من اتعظ بغيره، واعلم يا من بعت أرضك وعرضك للمحتل، أنك لن تقبل عند الفرس ولا عند أهل العراق عندما يعود الجنوب والعراق فبهذا تكون قد خسرت وخسرت، خسرت المحتل وخسرت أهلك وشعبك.