مقال بقلم / فالح الشبلي
كلما تطورت الأحداث على الساحة العالمية وبالأخص ساحة الشرق الأوسط، رجعت إلى ما كتبته في السابق فأقف على ما تحقق منه أو على الأقل على ما يؤيد كلامي وتوقعاتي وحدسي واستنتاجاتي، وهذا منهج أتبعه مقاربة وتطبيقاً على أرض الواقع فيكون في الأفكار زيادة أو نقصان على نحو ما تكتبه الأقدار أو يأتي به الزمان.
فعندما أرجع إلى ما كتبته ضمن مقالة ( الدولة الجديدة ) وأعني بها دولة الأكراد المقترحة من قبل الصهيونية العالمية أخرج بنتائج تطابق ما يدور على الساحة في هذه الأيام، وكنت قد وضحت بأن هذه الدولة سوف تكون فاصلة ما بين الدولة التركية والدول العربية لكي تلعب الدور الذي يلعبه الشريط اللبناني والذي يتزعمه حزبه الحاكم حسن نصر الله، فلا فرق بينهما من حيث المبدأ فكلاهما يخدم دولة اليهود، شريط حدودي لحماية إسرائيل، وشريط يفصل ما بين الدولة التركية وبين العرب، وهذه أفكار وتخطيطات لتجزئة بعض المناطق وفصلها عن بعضها الآخر لتجزئة المجزأ في الشرق الأوسط، وبالمقابل تفتح الجبهة الإيرانية على العراق لاحتلاله ونهب ثرواته وتدميره، وهذا بلا شك يوضح لنا مدى التعاون ما بين إيران اليد اليمنى لليهود، وما بين روسيا الأخت الكبرى لإيران فهي خادمة اليهود أيضاً وهذا مما لا شك فيه، والذي يؤيد ما قلته وأقوله هو الهجمة الشرسة الأخيرة على مدينة حلب، فقد كثفت روسيا ضرباتها الجوية على هذه المدينة لكي تساند القوات البرية المتآمرة على الأمة، ولسنا بحاجة إلى ذكر الأسماء وتكرارها، فهذا ـ على ما أرى ـ وصف شامل لجميع القوى التي تخدم المخطط اليهودي على الأرض من شيعة وأكراد وغيرهم.
وكان المؤيد الثاني لكلامي انتفاض الدولة التركية لهذا الحدث، حيث سارعت بالتصدي لعلمها الاستخباراتي بأن المنطقة مقبلة على مؤامرة تجزئة على هذه الدولة لفصلها عن جانبها المهم ألا وهو الشرق الأوسط، وكذلك تخوف الدولة التركية من تجزئة قد تشملها من خلال عنصرين: العنصر العلوي والذي يهدد بتأسيس دولة علوية تمتد من طرطوس وتنتهي بميناء الاسكندرون ودولة أخرى كردية مماثلة للإقليم الكردي في شمال العراق، وقد نشهد مستقبلاً توحدهما في كلا الجانبين العراقي والسوري، وقد يضم أيضا أكراد تركيا وهذا سوف يكون كالخنجر المسموم في أحشاء هذه الدول ولا ننسى تبني اليهود لهذا المخطط أيضاً، ولا شك عندي بهذا الأمر.
وقد وصل الأمر بالدولة التركية أن تطلب من أمريكا تصنيف وحدات الحماية الكردية المعروفة بـ pkk على قائمة الإرهاب وإلا فستقوم بمنع الطائرات الأمريكية من استخدام قاعدة انجرليك العسكرية التركية، وهذا بحد ذاته يعد خطوة جريئة ضد الحليفة الأمريكية والتي تعد قوة عظمى، ولهذا لا يمكن أن يكون الأمر بتلك السهولة بحيث تهدد تركيا أمريكا وتضعها بين خيارين.
ومن جانب آخر سارعت الدول الحليفة لتركيا بمساندتها لإفشال هذا المخطط ولا شك أنه مخطط لتدمير المنطقة لفرض سياسة هيمنة جديدة، وبطريقة ماكرة يقابلها صمت يهودي قاتل من غير تفاعل مكشوف أو ظاهر للعيان، وهذا يضاف لمكر اليهود الذي طالما تحدث عنه شرعنا الحنيف وحذرنا منه، وكل هذا يدار من قبل الدولة اليهودية بصمت، ولكن لا بد للمفكر أن ينصح ولا بد للدول أن تتبنى الأفكار الناجحة، وقد كنت أقول في نفسي ماذا لو قامت دول الخليج بمشروع مع الدولة التركية لاستعادة العراق بعمل عسكري ؟ ألا يعني تمكنهم من إيقاف هذا الشر وهذه المخططات من غير استثناء ؟ ولكن بشرط أن يقضوا بهذا المخطط على الإقليم الكردي الذي أصبح كالسوس ينخر في المنطقة، وتصبح الدول العربية على اتصال مباشر مع الدولة التركية من خلال الإقليم فتكون في هذه الحالة جبهة متكاملة وقوية تناطح الدولة الفارسية، وهذا كما هو معلوم سوف يوقف التمدد الإيراني في المنطقة ويوقف بذلك تدخلاتها في الشرق الأوسط أيضاً، ثم على أثره تعالج بقية المنطقة بالمفهوم الذي تقدم ذكره، طبعاً لا أتراجع عن قولي بأن من الواجب على الدول العربية القيام بتقسيم إيران فهذا العمل قد يغنيها عن الكثير من التخطيط الدفاعي الذي يحتاج للحليف أو غير الحليف، وكذلك استرجاع أجزاء مسلوبة من بلداننا العربية على أقل تقدير كالأحواز من أيدي البغاة، وهذه نصيحة أتقدم بها لأهل الحل والعقد لاستدراك أرضنا وبلادنا ووطننا العربي لكي نعيش بسلام على أرضنا وبعلاقات طيبة مع باقي الأمم .
المصدر: صحيفة المقال …. تابع