مقال بقلم / فالح الشبلي
سبق أن قلت إن السياسة هي ضرب من التوقعات، أو هي فن الممكنات بحسب ما يرتئيه المنظّر، فكان مما ذكرته أن التدخل الروسي في سوريا هو بداية تفكيك روسيا، فالروس لم يتعظوا بما حل بهم في السابق عندما عزم اليهود على تفكيك الاتحاد السوفيتي وذلك بعد توريطهم في حرب أفغانستان، حين أوهموا الدولة الروسية آنذاك بأن توسع الاتحاد السوفيتي يكمن في احتلال أفغانستان ثم جزء من الهند ثم الصين وبعدها يتحول العالم تلقائياً إلى دولة شيوعية عظمى بقيادة روسيا تشمل العالم أجمع بكل قاراته، وعندما اندفع الروس ووقعوا في كمين اليهود قابلهم شيء لا يصدقه العقل حيث الإمكانيات والقدرات العسكرية الهائلة التي لم تكن بالحسبان من قبل دولة بدائية تغرق في الجهل والفقر لتظهر لهم قوة عسكرية ودولة تمتلك الأسلحة المتطورة والفتاكة، ولكن الأطماع الروسية قد غلبت على الواقع، فاستمر الروس بمجازفتهم وتوالت عليهم المفاجآت تلو المفاجآت وصار همّ قادة الاتحاد الروسي البحث عن النصر أو على الأقل الحفاظ على ماء الوجه، ولكن ما أعده اليهود لم يكن هذا ولا ذاك فلا ماء وجه ولا غنيمة بل هي خسارة واندحار تلاها تفكك حلفهم فتناثرت الدول وتبعثر الاتحاد السوفيتي وكسر اليهود أصنام الشيوعية وكانت إحدى المفاجآت إن لم تكن أعظمها هي أن غورباتشوف ـ أحد قادة هذا الاتحاد ـ كان أحد المساهمين في تفكيك الاتحاد السوفيتي حيث كان أحد المشاركين في هذا الحلف.
ومن عادتي أن أحث أصدقائي من الساسة والمفكرين في نصائحي على دراسة التاريخ ومراجعة ما مضى من الأحداث ففيها العبرة لمن كان ذو لب واع وعقل حصيف، فعندما تدخلت روسيا في سوريا بشكل علني توقعت أن تكون هذه بداية التفكيك كما توقعت تفكيك إيران بعد ذلك والتي أوهموا العالم بأنها تمتلك قوة عظمى في المنطقة وهذا بعد أن أدخلوها في حرب استنزاف وميليشياتها التي عاونتها كحزب الله والميليشيات الشيعية العراقية …. الخ
وقد أدخل الروس في حرب سوريا بعض الأسلحة التي كنتُ قد عجبت لإدخالها كمضادات الطيران فقلت: ضد من تستخدم هذه الأسلحة إذا كانت ( داعش ) لا تمتلك طيرانا ؟ إذاً إن في الأمر تغريراً بهذه الدولة وقادتها وإيهاماً للدب الروسي للقضاء على ما تبقى من قوته وذلك بعد أن لعب اليهود لعبتهم وفصلوا أوكرانيا عن الجسد الروسي والتي كانت تمثل اليد اليمنى لروسيا فأصبحت دولة منفردة بقرارها ومستقلة بكيانها بل قد تكون في الأيام القادمة عدوة لهم فمخطط اليهود بعد تفكيك روسيا هو إشغالها مع باقي دويلاتها الصغيرة والتي قد تكون بذات الوقت قوية وقادرة على خوض صراعات قد تصل حد الإبادة.
لقد أصبح الصراع السوري اليوم يتجلى أكثر فأكثر فكان حدث إسقاط الطائرة الروسية وكأنه بداية مرحلة أخرى ما بين تركيا والدول العربية مدعومة من الغرب من جهة وما بين النظام السوري المتهالك ومن يسانده كروسيا وإيران من جهة أخرى، فحادث إسقاط الطائرة وحده يعد هزيمة لروسيا، بل هو كشف تسلل وإظهار العجز الروسي الذي يخشى الروس إعلانه في مستنقع متلاطم فيه الكثير من الأيدي الخفية التي تقتل وتدبر وتمكر … إلخ.
وكأنني أرى تسارع تسلسل الأحداث المؤدية إلى هزيمة روسيا من جديد بعد أن مكر بهم اليهود وورطوهم بأوهام المصالح المستقبلية في البلدان العربية وأخص منها سوريا وقد يكون العراق أيضاً، فقد بالغ الروس في إلحاق هزيمة بالأتراك على المستوى الخطابي على أقل تقدير ولكنهم فشلوا في الحصول على أبسط شيء من تركيا وأعني الاعتذار لهم، بل كانت صفعة الأتراك لروسيا أنه إن عدتم عدنا.
ولا نريد التطرق إلى الوعود والردود فلا يمكن لدولة مثل روسيا أن تعترف بأن القيادة الأمريكية قد خدعتها في كذا وكذا ولكن هذا ما استنبطته من تصريحات المسؤولين الروس والردود على تلك التصريحات، وكأنني أرى كذلك أن حادثة الطائرة قد تتكرر ولكن هذه المرة من الأراضي السورية وليس التركية من وجهة نظر أخرى يتخوف منها الأتراك وهي المساس بالسيادة التركية.
هذه إحدى توقعاتي في هذه الأيام للأحداث والمجريات على الساحة السورية وأكتفي بهذا القدر ولعلي أكتب في الأيام القادمة عن التقسيمات الجغرافية القادمة للمنطقة بإذن الله.
المصدر: صحيفة المقال