مقال بقلم / فالح الشبلي
إن من يعتقد أن السياسة هي فن فقد جانبَ الصواب وحادَ عن الحقيقة بلا شك وذل السياسة في حقيقتها قد أصبحت الآن عبارة عن خدع واضحة ومكر مُبَّيت وحيل مكشوفة ولهذا نجد أن الظلم قد شاع بسبب تناقض القرارات مع تشابه القضايا، أو لِنَقُل التباينُ الواضح في سياسات الدول صاحبة القرارات مع الشعوب والدول الأخرى فمثلاً سياسة أمريكا مع دولة اليهود ليست كسياستها مع الفلسطينيين أو العرب ككل، وكذلك فإن سياستها مع أوربا لايمكن أن تكون كسياستها مع الشرق الأوسط وهذا مانسميه سياسة الكيل بمكيالين، وهكذا… ولهذا نجد أن بعض الدول تحركها الدول الاستعمارية كما تريد وتشتهي لأجل مصالحها في المنطقة.
إذاً لا وجود للسياسة ولا للفن فيها بل هي مجرد خديعة ومكر وكذب مُفترى، وقد بين لنا التاريخ الوعود الكثيرة الفارغة والمارقة وكذلك ماهو واضحٌ وبَيّنٌ من خلال السياسة مع الدولة الإيرانية حيث تتفاوض معها بشأن الملف النووي الذي لا أراه إلا إرهاباً وتخويفاً لدول الجوار ومساندة الهيمنة الأمريكية اليهودية في المنطقة بنشر الصراعات الطائفية وتخريب وتهديم البنى التحتية لِدُوَل جوار إسرائيل وغيرها من الوقائع.
إن المسلمين اليوم بحاجةٍ ماسةٍ إلى قيادة تحمل مشروعاً واضحاً قوياً تكون فيه على قدر المسؤولية، يجابه ويتصدى لمخططات الأعداء ويلمُ فيه شمل الأمة المتناثر، وتلتف حوله عقول وقادة هذهِ الأمة لكي نجاري الأمم ونتعايش معها، فالنار لاتواجه إلا بالنار، ولا يفلُّ الحديدَ إلا الحديد فإلى متى نظل رافعين غصن زيتون وحمامة بيضاء ؟
الوضع جدُّ خطير والكلام عنه أيضاً خطير والسكوت عنه أخطر، بل سيكلفنا أرضنا وعرضنا وكياننا وديننا وكل شيء في هذهِ الحياة.
إن الدول قد تباع من قبل قادتها وليس هذا بعجيب ولا مستبعد فمن نُصب من قبل الماسونية وتخلى عن دينه وعرضه سيتخلى عن أرضه وشعبه، أليس لنا عبرة فيما قام به المخلوع علي صالح وابنه في بيع اليمن وارتهانها لأعداء الأمة المجوس، ألا يكفينا هذا مثلاً، ولكن الله تلطّف بأهلنا في اليمن وكان العلاج السريع من قبل المسلمين، فقد بذلوا أنفسهم دفاعاً عن إخوتهم كما رخص المجوس أنفسهم لأسيادهم في طهران أمثال حسن نصر الله والمالكي والصدر والحكيم وملل الكفر الأخرى وهذا متوقع من هكذا نماذج وغير مستبعد ولكن هيهات أن يحلم الأعداء بفرض سيطرتهم على قبائل اليمن وإدخالهم بيت الطاعة فهذا ضرب من المستحيل ولونٌ من التهويل أنا أُناشد الأمة أن تصحوَ من غفلتها وأن تتكاتف وتتحدَ قبل الندم فالمخطط قد ينكشف بعضه ولا أقول كله فمن المستحيل حدوث ذلك لان العدو أذكى من أن يكشف سره ولكن قد نعرف بعضه، وباتحادنا نتجاوز هذهِ المرحلة الحرجة والصعبة من طريقنا.
إن لإيران طرقاً عديدة في استدراج الشعوب، وذلك بأن تصل لأرفع المناصب في الدولة المقصودة بالهجمة، فاحذروا يا أهلنا في الخليج، احذروا يا أهلنا في اليمن، وكذلك في العراق وسوريا وكل البلدان الإسلامية احذروا المجوس.
إن ماقام بهِ اليهود من امتطاء للشعوب الغبية كالإنجليز إنما كان لصالح اليهود أنفسهم، ففي أوائل القرن المنصرم سلموا دولة الأحواز بواسطة الإنجليز لإيران بغية إضعاف العرب وسيطرة الدولة الفارسية على جزء من الكيان العربي المسلم صاحب الرسالة الإيمانية والدعوة القوية دعوة النور والتوحيد والتحرر من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، فكان أول ماقاموا بهِ هو دعوة أهل الأحواز إلى دين المجوس وترك التوحيد، ولكنهم اصطدموا بجدار المقاومة والثبات، وفعلاً وبالرغم من كل مابذلوا إلا أن الإيمان بدأ يعود ولله الحمد.
وللعلم فإن كل ماحصل وسيحصل إنما هو بمباركة صهيونية عالمية مخطط لها والأمثلة أكثر من أن تضرب او تُعد فالتفافة بسيطة إلى مايحصل في جنوب العراق مثلاً من قتل وخطف ونهب وتشريد، وكذلك في الوسط والشمال، ماذا نسميه ؟ أليس هو استهتار دولي بعقول الشعوب، وقد سلطوا المجوس على المسلمين تحت مسميات عديدة فكان القتل المدعوم بالشريعة الدولية زعموا، فقد نسبوا لأهل السنة مانسبوا ثم شردوا ووطنوا وغيروا ديمغرافية الأرض ولاندري ماسيفعل بنا في الأيام القادمة وهذا كله من أجل أن ينعم اليهود بمقدرات الشعوب، أليست هذه حقيقة اللعبة وواقع الحدث أم أن هناك حقيقة مغايرة لهذه ؟
لقد تمكن المستعمر من تحويل مسار بعض الثورات العربية لخدمة مصالحه، فكانت إحدى أساليبه المتبعة هي تحويل التحرر إلى عبودية جديدة من خلال حرب طائفية دينية وذلك بعد فشل الفكر القومي في المنطقة والذي كان مسيطراً على الشعوب العربية حيث يعد إحدى وسائل المحتل للسيطرة على تلك الشعوب.
إن الشر كل الشر كان في وصول بعض المنافقين إلى بطانة الحاكم ومشاركته أفكاره وقراراته، فهم لم يكونوا ناصحين له بل إن التهريج والتطبيل من سمتهم وجل كلامهم هو مداهنة لهذا الحاكم أو ذاك، لايزيدون عن قولهم: هذا صحيح وهذا سليم وهذا ممتاز، ومن المستحيل أن يسمع الحاكم منهم من يقول: اتقِ الله في شعبك، أو ماشاكل، سعياً لإسقاط الحاكم وافتراس ملكه، وهذا هو الفرق بين البطانة الصالحة والبطانة الفاسدة، فلهذا أنا أحث من كان له القرار أن يستعين برجال الأمة الناصحين ليكونوا عوناً له وليكونوا له بطانة صالحة تعينه إذا عزم وتذكره إذا نسي وتأخذ على يديه إذا أخطأ.
المصدر: صحيفة المقال