مقال بقلم / فالح الشبلي
لقد أوعزت إيران إلى خلاياها النائمة بتأجيج مايسمى الطائفية في البلدان التي خططتْ لدخولها حتى يتسنى لها احتلالها ونهب ثرواتها وخيراتها، وفي الحقيقة فإن مايُؤجَج ليس بطائفية وإنما حرب دينية وقومية مبطنة بلباس شيعي ومذهبي كافر، فبدأت بدول الجوار أولاً وذلك بعد أن ثقفتهم عسكرياً لكي يكونوا عوناً لها على تسهيل الاحتلال غير المباشر ثم بعد ذلك تفرض نفوذها وتعمل على ما يُثبت احتلالها، فكان ما تريد وهذا واحد من الأساليب المتعددة التي سعت إيران لتحقيقها.
أصبح المجوس يتمددون في المنطقة ويبسطون نفوذهم فيها بطريقة رهيبة ومريبة لم يسبقهم إليها أحد حتى اليهود، وهذا متوقع منهم، لمَ لا وقد وكّلهم اليهود باستعباد العرب بالنيابةِ عنهم ولهذا فقد أصبح لهم نفوذ على كامل المنطقة بداية من سوريا في عهد اليهودي العلوي الأب حافظ وامتداداً إلى عهد ابنه بشار، ثم أتبعوا سوريا بلبنان وهكذا حتى يشمل المخطط الشرق الأوسط ثم أفريقيا، فلهذا نقول أن الدول العربية قد تجاوزت مرحلة الخطر اليهودي وهي الآن تصارع خطر المد المجوسي المباشر بأشكاله ومسمياته.
ثم قامت إيران بتنشيط الدور الحوثي في اليمن وحاولت تضخيمه في المنطقة تمهيداً لغزو السعودية مما يعني فرض سيطرتها على بيت الله الحرام، ولاشك أن هذا الأمر ليس فيه كبير صعوبة فالناس قد أصبحت متعددة المذاهب وهي عن الدين أبعد بعد غياب الوعي عنها والثقافة الإسلامية وتعاليمها فأصبحت أداةً سهلة لأعداء الأمة وهذا ماكان يسعى إليه المستعمر وهو تجهيل الأمم أولاً ثم استعمارها بكل سهولة، فالدولة الفارسية لا تعرف الكلل والملل واليأس حيال قضيتها وإمبراطورتيها التي هُدمت ومُزقت على أيدي المسلمين، فشابهت اليهود ووافقتهم مكراً وخبثاً، ومن ذلك استخدامهم الفئات المنبوذة الضالة كالنصيرية في سوريا والحوثيين في اليمن والشيعة العرب في العراق وغيره، فأصبح كل هؤلاء يتحدثون باسم سادتهم في إيران بينما هم يعيشون بيننا ويشاركوننا خيرات أوطاننا ولايخفون ولاءهم للعدوة إيران، وهذا بعض ماحصل بعد الثورة الخمينية النتنة.
إن بداية المؤامرة على الوطن العربي كانت عندما سلم الانجليز الأحواز إلى إيران، وذلك من أجلِ إضعافِ العرب وتجزئة بلادهم، فكانت تلك الحادثة أكبر مصيبة على شعوب المنطقة ولازالت الأمة تكابد آثار هذه المؤامرة، وهاهي ذا تتآمر مع اليهود مجدداً على بلادنا العربية كما تآمرت على الأحواز، لمَ لا وقد سخر لهم المحتل كل عبيده وإعلامه وقواعده، فشكل الحلف الخفي بقيادة أوربية أمريكية وواجهة إيرانية مذهبية.
وكما هو واضح للجميع فإن الرافضة العرب هم أول من يساند المحتل ويعينه فهم مطية الاستعمار، وقد أثبت التاريخ ذلك فهم بلا ريب أحفاد ابن العلقمي وكذلك عندما سلّم الرافضة العراق للمحتل الأمريكي ثم الإيراني، وهكذا هم لا دين لهم يحميهم ولا كرامة لهم تؤويهم.
لقد استخدم الاحتلال المجوسي شتى الوسائل والحيل والمكائد لإخراج المقاومة من بعض المناطق السنية بطريقة ماكرة محكمة، فقد صنعوا من أبناء جلدتنا من يحاربنا بمعتقد خارجي فجعلوا منهم العميل والمغرر به، اعتقاداً منهم أنهم بذلك يسيطرون على أهلِ الغيرة والنخوة والحمية والنشامى من أبناء المسلمين، وبعدها عاثوا في الأرض فساداً فأحرقوا البيوت والمحاصيل وسرقوا الأموال والمقتنيات والأملاك، ثم ورَّثوها لأذنابهم، وقد تشهد المرحلة القادمة توطين المجوس بدلاً من المسلمين وليس هذا ببعيد عن الاستعمار.
إن مما يحرص عليه العدو عدم التوافق بين المفهوم السياسي والمفهوم العسكري للثورات، وذلك حتى لاتنجح وتتحرر الشعوب من الهيمنة المجوسية عليها، ثم تصبح تلك الشعوب قوة لها ثقلها في المنطقة ولها قياداتها الخاصة بها، فيتحول هذا المستعمر إلى ندٍ تقاتله هذه الفئات المتحررة ذات القيادات الواعية المدركة للحدث والعارفة الململّة بالخطر.
إن بعدنا عن وصايا نبينا محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ ومنها قوله: (لايلدغ المؤمن من جحر مرتين) كان نتاجه تكرار الويلات على الأمة من قبل المجوس وتوالي المصائب والكوارث بمساعدة أبناء البلد فمنهم من باع ومنهم من وهب وهكذا فتحايل المجوس على الأمة وأدخلوا عليها كل ماهو مجوسي للرجوع بها إلى دين الأسلاف، آبائهم المجوس، ليخرجوا الناس من النور إلى الظلمات ويحكموا البلاد ويرثوا الأرض والعرض، وحقد هذا الجار المجوسي على العرب المسلمين ما الله به عليم، ولذلك فإن أول شيء فعلوه بعد الثورة الخمينية هو منع تدريس اللغة العربية وهذا طبعاً حتى تنسلخ الأجيال القادمة في الأحواز عن قوميتها وتنسى تاريخها العربي، ولكن السؤال هنا: أين عقول الشيعة العرب ؟ أليس من حقهم سؤال خامنئي: لماذا تطمس اللغة العربية وهي لغة أهل البيت وأنت تزعم الانتصار لهم ؟
ولكن كما هو معلوم فإن الأمم تنافس مثيلاتها على نجاحاتها فكذلك هم ينافسون أمة الإسلام على نجاحاتها وأمجادها ..
أقول: لن يتجاوز هؤلاء قول الله جل وعلا: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)
المصدر: صحيفة المقال