مقال بقلم / فالح الشبلي
سبق وأن تطرقنا في عدة مقالات لأكثر من نقطة تدخل في شأن الأمة، فقلنا أن الأكراد باتوا يتهيئون لتأسيس دولتهم الكبرى والمتمثلة بالمربع الكردي، وأن هذه الدولة قد تتشكل من أربع دول وهي: إيران والعراق وتركيا وسوريا – ولاشك بأنها دولة لامستقبل لها بحسب رؤيتي -، وقد رأينا كيف أن الأكراد تمكنوا من إيهام الناس بضعفهم والذي تمثَّل باستنجادهم بالعصابات الإيرانية لتخليصهم من داعش في العراق، بينما نراهم يحركون جيوشهم الجرارة وذلك لمناصرة الأكراد في كوباني وهكذا تستمر اللعبة القذرة على الأمة وكلها على حساب العرب من أهل السنة بشكل خاص وبذلك يكونون قد أبعدوا عن أنفسهم شبهة التآمر ضد الأمة بينما هم طرفٌ من أطراف هذه المؤامرة المدبرة بعناية فائقة، فالأراضي العربية أصبحت تباع وتقسم بمساعدتهم ومعرفتهم وعلمهم وهم عون للعدو ضد الأمة.
وكل مايهمهم هو تأسيس تلك الدولة المزعومة ولو على حسابنا فبدؤوها بالعراق وهاهم يلحقونها تبعاً بسوريا وقد يكون هدفهم الثالث تركيا وياليتهم ينصفون الأمة فيثلثون دولتهم بإيران عدوة الإسلام والعرب. كما كنت قد تطرقت فيما سبق إلى تأسيس داعش من قبل اليهود وكيف فُتحَتْ كلُّ المجالات أمامهم كالإعلام مثلاً ورأينا كيف كانت تلك الأكذوبة والتي تُسمّى داعش تناصر المخططات اليهودية وأن كل ماقامَتْ به كان ضد أهل السنة حتى الشيء الذي حصل في كوباني ومقارنتي لها بمدينة هيت العراقية وهكذا … وبالمختصر فإن ماحصل في كوباني أُريدَ منه إعلام وإفهام الأمم بأسرها بأن الأكراد لم يقوموا بتأسيس دولتهم من فراغ بل جاءَتْ نتيجةً لما تعرضوا له من الثورات العربية الحديثة فصنعوا لها تمثيلية كوباني وكان ذلك بالتعاون مع داعش وإذا أردنا أن نتطرق للأسباب التي اصطنعوها فهي كثيرة لاحصر لها.
والذي أراه اليوم هو تحقيق لما قلته بالأمس ولم يكن هذا من باب التنبؤ أو الاستشراف بالمستقبل بل هو من باب الخبرة بمكر العدو المتربص بالأمة وحاله ومقارنة أقوالهم بأفعالهم المخالفة للمصداقية والإخلاص، ودراسة الوقائع والتطورات التي استجدت على ساحة الدول العربية، فمن هذه المؤامرات صناعة الدولة الإسلامية التي أفشلَتْ الجهاد في العراق ضد الاحتلال الأمريكي.
وإننا نتفاجأ اليوم بأن الدولة الباقية والمتمددة تتقلص وتضمحل وهي على وشك الانحسار بل الإختفاء بعد أن حققت ما أُسّّسَتْ من أجله.
فكان دخولهم الموصل ثم مالبث أن قابله انسحاب مفاجئ للدولة الرافضية المجوسية في العراق التي تركَتْ لهم الأموال والسلاح والعتاد ثم بدأ التفنن بمصير أهل الموصل والذين تركوا بيوتهم كرهاً بسبب ماتعرضوا له من طرفي اللعبة ـ داعش والرافضة ـ حيث تم تهجير الأهالي عنوة وهكذا تم إخلاء مدينة الموصل وما تلاها من المناطق التي بدأت تسيطر عليها داعش تباعاً حتى وصلوا إلى مشارف بغداد وفجأة يتوقف هنا هذا التمدد ويبدأ التراجع بعد أن طهروا المناطق من معارضيهم ، وكان من جلّ أهدافهم استقطاب تلك الفئة من الشباب المتحمس للدفاع عن أرضه وعرضه ودينه من كافة بقاع العالم ليقوموا بعدها بتصفية هذه الفئة والتي تحمل الثقافة والفكر والروح الجهادية فيقتل هذا الغيور تحت ذرائع شتى منها الخيانة ومنها التخابر ومنها السرقة ولاشك أنه برئ مثل الكثير من الذين وفدوا من أجل المشاركة بتوسيع هذه الدولة الوهمية، ويتفاجأ من ينخرط في سلكهم باختلاف سياستهم الخارجية عن سياستهم الداخلية والتي تهدف إلى تشويه صورة الإسلام أمام أبناء الأمة والعالم وإعطاء صورة مخالفة ومشوهة لما جاء به ديننا الحنيف.
وفجأة يهرب القائد متلبساً بسرقة أموال هذه الدولة، ولاشك بأن هذه هي إحدى الصور التي تثبط وتوهن عزيمة المتحمس لدينه من خلال المقارنة مابين هذا النموذج الوهمي للإسلام ودولة الإسلام القادمة النقية الطاهرة من كل هذه الشوائب بإذن الله.
كما كانت إيران المستفيد الثاني من داعش بعد إسرائيل فعندما عجز المالكي من هزيمة أهل السنة في العراق استعان بهذه العصابة لكي تستقطب أبناء السنة الجهاديين والمتحمسين لكي تقتل وتشرد ثم تسلم الأرض فارغة من أهلها لكي تكون أرضاً إيرانية بالوكالة وهذه الحيل الاستعمارية لاشك بأنها جديدة وطارئة بتفنن وهذا المخطط لا أقول بأنه غامض بل هو مكشوف وواضح ولكن لايبصره إلا القليل ممن فتح الله عليهم بعد أن انزلقَتْ أرجل الكثير من أبناء الأمة في هذا الوحل فنُهبَتْ خيرات الأمة وضاعَتْ بيد أبنائها وهكذا تفكر العقول المتربصة بنا، وهذا ليس سؤالاً مني بل هو جواب: هل ننتبه إلى المتربص ؟ ألا تكون عندنا عبقرية أسلافنا فقد استهترَتْ بأحوالنا الأمم؟ فتارة تشييع الأمة وتارة إفساد الأمة وتارة الصحوات وتارة الأقليات التي تطالب بحقوقها بينما نجدها هي من تحكم دولنا كالعلوية في سوريا وتارة تسلط الفئات الذليلة علينا كالحوثيين في اليمن والذين لايتجاوزون ٢% من الشعب اليمني كل هذا وأبناء السنة يتفرجون على هؤلاء المتشدقة فهل حُقَّ علينا قول النبي صلى الله عليه وسلم: غثاء كغثاء السيل، أسأل الله ألا يكون هذا، وأملي بالله أن تكون هذه الحقبة قد ولت وراحت، وأن الأمة قد وعت لما فات كيف مات، ولا أريد أن يفهم من مقالتي أن الأكراد والفرس على قلب واحد بل كل منهم متربص بالآخر وكذلك لايفهم منها بأن كل الأكراد هم على شاكلة سياسييهم ولكن هذه حقيقة المخطط الآن.
أسأل الله ان نبدأ من جديد معرفة ديننا الحق وأن يصحو كل من غفل عن الدين الحق الذي تفتح به البلدان وينتصر فيه العدل وينشر من خلاله آداب الإسلام ومراد الجبار من هداية الناس هو ولي ذلك والقادر عليه.
المصدر: صحيفة المقال