بقلم/ فالح الشبلي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشْرف المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعدُ:
فإنَّ للإنسان حديثَ نفس، وفكرًا، وأمنيةً، وخاطرًا، وقد يتحقق منها شيء أو لا، فليس كلُّ ما يتمنَّى الإنسانُ يدركه، وهذه سُنَّة الله في خلْقه، ولكن المسلمَ يتمنَّى الخير للمسلم؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم -: ((لا يُؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه))، فالعلْمُ الشرعي مبارَك، وله ثمرات قد يقطف منها في الدُّنيا، أو تكون له في الآخرة، وهذا بعد صفاء النِّيَّة.
وقد تَمُرُّ على الباحث المتخصِّص أفكارٌ كلما وقفَ على نصٍّ، وخصوصًا إذا ما كان هذا النص يصْلُح أن يكونَ موْضُوعًا للدِّراسات العليا.
فعند عملي بأحد كتبي، وقفتُ على كلام للإمام الدارقطني، وهو في مسلم بن كيسان الملائي، يقول الدارقطني: ومسلم الأعور مضطرب الحديث، ما أخرجوا عنه في الصحيح، يعني الإمامين البخاري ومسلم؛ [العلل: 5/166 – س/797].
فهذا الكلام شد انتباهي وفكري، موضوع ممتاز جدًّا: دراسة مَن عاصر الإمامين البخاري ومسلم ولم يخرّجا له، ولعدم تفرُّغي لدراسةِ هذا الموضوع أحببتُ أن أهديَ هذا الموضوعَ وغيرهُ من هذهِ السلسلة إلى طلبة العلم.
فيكون البحثُ على الشَّكْل التالي:
1 – نبحث في حال الراوي, فنذكر روى عن مَن, ومَن روى عنه, ومَن أورد فيه جرحًا أو تعديلاً.
2 – نخرج أحاديثه إن لَم تكنْ كثيرة، فإذا كثرتْ نختار منها ما نراه أقرب لبيان حاله.
3 – نستعين بشواهد للأحاديث، وهل تفرّد بشيء.
4 – ما هو سبب عدم رواية الإمامين له؟ هل هو لعدم اللقاء؟ أو لحائلٍ حال بينهم؟ أم لصنعة إسنادية؛ كطلبهما للعلو، أو لغيره من الأسباب؟
ونستعين بكتب الطبقات في بحثنا هذا، حتى نستخرج منها مَن عاصر الإمامين؛ مثل: كتاب الطبقات؛ لابن سعد مثلاً، وكتب المواليد والوفيات، وكتب أخرى كشذرات الذهب؛ لابن العماد وغيرها.
فإذا توَفَّر عندنا ما يكفي لدراسة الموضوع، نباشر العمل مستعينين بالله، ومتوكلين عليه.
ولعلَّنا أثناء العمل سنقِف على كثيرٍ مِن الأُمُور التي نتوقَّف عن التفْكير فيها بدايةً لضرورة البحث فيه، ثم إن البحث لا يشترط في كل من عاصر الإمامين، ولكن نكتفي بالمطلوب للموضوع، ثم يلحق بالموضوع ويطبع كاملاً ويُنْشر، فنكون بهذه الدراسة قد قمنا بعمل يستفيد منه طلبة العلم، وخاصة طلبةَ علم الحديث.
وقد نستخلص من هذا أن مذهب بعض أهل العلم: أن كلّ من أدركه الإمامان البخاري ومسلم ولم يرويا عنه يكون في حاله شكٌّ عندهم, حتى تتبين أهليته للأخذ عنه.
وقد جعلت هذه المقالات سلسلة أنشرها حينما تتوفر عندي, أسأل الله التوفيق للجميع.
وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم.
المصدر: الألوكة