بقلم/ فالح الشبلي
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على أشرف المرسلين محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه)).
وبعد:
فعند تصفُّحي لكتاب “الكامل” لابن عدي، وقفتُ على قول للإمام سفيان الثوري – رحمه الله – مما شجعني على الشروع في كتابة المقالة الثانية من هذه السلسلة المباركة.
جاء في ترجمة محمد بن السائب الكلبي ما يلي: قال سفيان الثوري: اتَّقوا الكلبي، فقيل له: إنك تروي عنه؟ قال: أنا أعرف صدْقه من كذبه. [“الكامل”: 7 /274].
وسفيان الثوري: ابن سعيد بن مسروق، أبو عبدالله الكوفي، روى عن أئمَّةٍ حفَّاظ، وكذلك روى عنه أئمةٌ حفاظ، وأثنى عليه جهابذةُ علم الحديث ونقَّاده، وأكابرُ أهل الجرح والتعديل، وعلماء الأمَّة من الفقهاء، وترجم له الكثير، فهو كنارٍ على علم.
ولسان حال الكل يقول: جبل، لا يُسأل عن مثله، فكيف يروي عن مثل هذا المتهمِ بالكذب؟ فتكون هذه الدراسة وافية بالاعتذار لهذا الإمام، وشرح وجهة نظره.
ومحمد بن السائب الكلبي: ابن بشر بن عمرو بن الحارث، أبو النضر الكوفي، ضعَّفه كثيرون، ومنهم من اتَّهمه بالكذب، وترجمتُه مستفيضة، وأغلبها في كتب الضعفاء.
فتكون أول الدراسة ترجمة وافية للإمام الثوري:
من ترجم له؟ وروى عن من؟ ومن روى عنه؟ ومن أثنى عليه؟ وشيء من سيرته، وكذلك دراسة وافية عن الكلبي، فتكون الفكرة تتبُّع روايات الكلبي، وننظر هل توبع الكلبي على حديثه الذي رواه عنه الثوري، أو لا؟
وهل للحديث شواهدُ عن غير صحابي، والذي جعل سفيانَ الثوري يعتمد عليها كشاهد لحديث الكلبي؟ وذكر من خرج هذه الأحاديث، والتعليق عليها.
وكذلك ذكر ما تفرَّد به الثوري عن الكلبي.
ثم ننتقل لتتبُّع روايات الكلبي برواية غير سفيانَ عنه، هل فيها تفرُّد ونكارة أو تُوبعَ على بعضها أو معظمها؟ ومن رواياته عن من أتت النكارة؟ من أهل بلده، أم غيرهم؟ وأصح رواياته عن من؟ [ملاحظة: قولي: أصح رواياته، لا يعني صحة حديثه]، وهل فات الإمامَ سفيانَ الثوريَّ شيءٌ من الأحاديث التي هي على شرطه؟
ثم تتبع أقوال أهل العلم في هذا الراوي، وما هي الأحاديث التي أنكروها عليه؟ ودراسة هذه الأحاديث، ودراسة مَن تجاوز أو بالغ في جرحه، ودراسة ألفاظ الأئمَّة التي قيلتْ فيه.
ويُدرَس حالُ كلِّ من روى عنه، أفيهم ثقات أعلام، أم كل من روى عنه ضعيفٌ؟ وهل الرواة من الثقات حذَوْا حذوَ الإمام سفيان الثوري، أو لا؟
ونتتبع الأحاديث التي رواها عنه الثقات، هل كل هذه الأحاديث توبع عليها ابنُ السائب، أو لا؟
وننظر إلى باقي الأحاديث التي رواها عنه الضعفاء، هل هي ضعيفة ولم يتابَع عليها؟ وإذا توبع على بعضها، لماذا تركها الثقات؟ أفيها علَّة؟ أو عليها كلام من قِبَل الأئمة؟
ثم متابعة الرواة الذين روى عنهم الإمام سفيان من الضعفاء، وهل اتَّخذ معهم نفس المذهب؟ أو أنه التزم فقط بهذا الشرط مع الكلبي؟
ومن المؤكَّد أن هناك أبوابًا أخرى لم أذكرها ستظهر لنا، ونحتاج البحث فيها والكلام عليها أثناء بحثنا، وأنا بطبيعة الحال لا أعني البحثَ في كل أحاديث الراوي إذا كانت كثيرة، بل هو اختيار بعضها، الذي يصلح لدراسته.
هذا، وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المصدر: الألوكة