مقال بقلم/ فالح الشبلي
لا يشترط في الانتصار أن يكون بمعنى الغلبة، فقد يكون الانتصار في قوة صد الهجمات، فالذي رأيناه في حلب من بطولات أبنائها، وأبناء المسلمين الذين شاركوهم الدفاع عنها يوحي بأن الانتصار قد تحقق، وذلك بأن استعصت حلب هذه البلدة صغيرة الحجم على العدو، فكانت كالبئر المظلمة التي أحاطت بالعدو، فلم يستطع الخروج منها.
لقد كان أعداء الأمة يتقهقرون عند حدود حلب، بل يدفع بعضهم بعضا؛ مخافة البدء في دخولها، وهكذا ستبقى إلى آخر لحظة. ولا يخفى ماتعرضت لهُ حلب؛ إذ إنها أصبحت مثالا في التضحية بعد أن كنا نضرب الأمثال بأوربا، وناجازاكي، وهيروشيما، وما عانته في الحرب العالمية الثانية. وهذا كله مع الأسف بعد الصمت المطبق من قبل الأمة.
• أطماع إيران:
لقد حلمت إيران ولازالت تحلم، ولكن حلمها قد تحول كابوسا، بعد أن دخلت حقيقة الصراع، فقد كانت إيران تعمل في الخفاء من خلال وسائل الترغيب الكثيرة، ومنها المال، والزنا باسم المتعة، والحشيش، وقد نجحت بكل هذه الوسائل، ولكنها عندما تمادت، جاءت غارة الله مسرعة بعد أن تجاوزت إيران الحدود، فكانت بلاد الشام المباركة لهم بالمرصاد، وعندما اصطدم الحق بالباطل، اضطرت إلى منازعة الأمر أهله، فبدأت بدخول الصراع المسلح، فهبّ أبناء الشام لإنقاذ شامهم من هجمة الفرس والمجوس، عندها بدأت إيران تتعاون مع كل عدو للأمة ولا ضير عندهم إن كان ملحداً كالروس، وهذا الذي أثبت لنا كفر هؤلاء بالإسلام، وعداوتهم للنبي وأصحابه، ووضح ما جاء به هؤلاء إلى المنطقة، وهنا يكمن السر في غباء هؤلاء القوم، وعدم إيمانهم بأن الدين باق،ٍ ولا يمكن أن يتجرأ على طمسه أحد.
وكذلك استغلت الدول الأكثر شراسة في العالم كأمريكا وروسيا خفة عقولهم شر استغلال؛ لكي يكونوا في مواجهة مباشرة مع عدوهم المسلم، وبالطبع قد استغلوهم بعد أن جردوهم من عروبتهم ومبادئهم، كذلك انجرّ معهم الأكراد خونة الأمة، ففعلوا ما عجز عنه الفارسي النجس، وواجهوا أمتهم بما لا يتوقعه مسلم. عليهم من الله مايستحقون، وأسأل الله أن يهلك هذه الحثالة.
• تخوف الروس:
بما أن الروس أصحاب تجربة في الهزيمة، فكان من الصعوبة على هذا البلد المتخلف تكنولوجيا أن يمر بنفس التجربة السابقة، فكان من أفكاره أن يتعاون مع الفرس وأعوانهم من العرب، كحزب الله ( أو حزب اللات )، والأحزاب الأخرى الضالة المنتفعة ولو بالاعتداء على عروبتها، فيكونوا سندًا للروس بوسائل أخرى بعد الطيران والصواريخ ذاتية الدفع؛ لكي لا يصطدم بشراسة المسلم المدافع عن أرضه وعرضه، فكانت هذه الفكرة واحدة من أفكاره التي قد تنجيه ولو مؤقتا، فاستغلّ هذا الهمجي المجوسي، ثم بعد أن قتل وشرد واستخدم كل الوسائل لقتل الطفل، والشيخ الكبير ارتأى المجاهدون أن يتركوا حلب؛ لكي تكون البقية في مأمن.
والنقطة هنا التي أود ذكرها أنهم استخدموا الفرس، ثم بعد ذلك قاموا بطردهم، وحلّوا بها كمحتلين، ولم يتركوا للمجوس حرية الدخول، أو السيطرة على حلب، أو مشاركة الروس في الاحتلال، وهذه ملاحظة لم يفطن لها الكثير ممن كتب عن قضية حلب، وكذلك الشعب الإيراني المغلوب على أمره، أو العصابات المسلحة التي رفعت شعارات، ولم يتحقق منها شيء، فقد طردوا بعد أن تمكنوا.
• الخيانات:
سبق أن تكلمت عن إثخان العدو في حلب، وتكلمت كذلك عن تعاون قوى الكفر ضد الأمة، هذا من جهة، ولكن الأهم مما تقدم هو الخيانة المدسوسة التي حذرت القادة منها كثيرًا، فبعد اندماج الفصائل مع بعضها البعض ذكرت لأحد جلسائي من القادة أني أشك في هذا الاندماج، ولن أعامله بحسن نية؛ وذلك لأن العدو عجز أن يخترقهم من خارج الحدود، فبدأ يعمل مع الخونة من الداخل كجبهة النصرة، لا نصرها الله، فكان العملُ ضد بقية الفصائل من الداخل شيئا فشيئاً غدراً واعتقالا لبعض القادة، وسلبا لبعض الأسلحة، وبثا للشائعة من الداخل، وفجأة تقلصت حلب حتى أصبحت في موضع هيأ (للطيران) أن يتمكن منها، فلا يستطيع أحد الخروج منها، ونجح الخائن في تسليم حلب لليهود، ألا لعنة الله على الظالمين فهذا سر دخول الروس حلب من غير تعب ولا إعياء، إن الأمة لا ينقصها رجال، ولكن الخيانة قادرة على حسم ثلثي المعركة. وهذا ما فعلته القاعدة عندما حمت الأمريكيين المحتلين في العراق، وها هي تحمي الروس في سوريا.
• حلب تعود:
لن نقول فقط: إن الأمة ولادة، بل إن الأمة لا زال فيها رجال يدخلون حلب كما خرجوا منها، ولا يفرح الروس بمكرهم، فجند الله سيعودون قريباً – بإذن الله -؛ لكي يجعلوا من حلب مقبرة للروس، فيستعين الروس مرة ثانية بالأغبياء الفرس، وأشياعهم؛ لكي يواجهوا المجاهدين مرة أخرى، فيلدغوا من الجحر أكثر من مرة، وهناك ستكون شراسة المجاهد أكثر من ذي قبل، وحينئذ ستتحرر سوريا، وتنتصر الثورة، وترتفع راية لا إله إلا الله، محمد رسول الله فوق ثرى الشام، ويخرج الفارسي الغبي من أرض العروبة منكسرًا ذليلاً مهزوما بإذن الله، يخشى الدول بعد هذا الانكسار العسكري الذي كان خارج توقعاته، أسأل الله النصر، هو ولي هذا، والقادر عليه.