مقال بقلم / فالح الشبلي
يمر العالم العربي بأزمات كثيرة، ولكن كل أزمة تختلف عن الأخرى، فمنها ما يكون اعتياديًّا كباقي الأمم والدول، وبعضها يكون بفعل فاعل ومؤامرة تحاك ضد الأمة، وهكذا هي الحياة بالنسبة للدول والأفراد أيضًا، ولكن لا بد من معالجة جذرية لكل أزمة، ولهذا فعادة ما أذكر أن الأمة في حاجة إلى غرفة عمليات تدفع عن الأمة الشر من خلال مفكريها، ولو كانت هذه الغرفة صغيرة بالنسبة لباقي الدول والمؤسسات الاستراتيجية المعتمدة لدى بعض دول العالم.
في عام ( ٢٠١٨ ) بدأت بمشروع سياسي، وقد سألني البعض: لماذا هذا التوقيت ؟ فكان جوابي أن دولة إيران ـ كما كتبت عنها ـ مهيئة للتقسيم، وأن كل من يخدم مشروعًا يهوديًّا مصيره التقسيم لا محالة، وهكذا هم اليهود في استخدامهم للفئات الضالة أو الدول المنحرفة، ولكن قلت لهم: إنني أتوقع أن إيران وصلت إلى مرحلة النهاية بعد خدمتها لليهود في العراق وسوريا، وأوشكت على التقسيم لا محالة، وبهذا تتبدل خطط اليهود من استراتيجية إلى أخرى، وبعد هذه المناقشة أقيم مؤتمر في بغداد لتهيئة بعض الشخصيات لقيادة المرحلة القادمة في العراق بعد هزيمة أنصار إيران، وقد رُشحت كأحد عشرة أشخاص للمرحلة القادمة، كما أعلموني مؤخرًا، ولا شك في أني ـ مع كل تغيير ـ ضد الهيمنة الإيرانية ومع كل ما هو قادم بشرط أن يكون لصالح الشعب العراقي والمنطقة والأمة عامة، ولقد شجعني مع ما سلف كثير من الأخبار، فنهضت بمشروعي لكي أخاطب عددًا من الشخصيات وبعدها تطرقت للدول، وبالفعل حصلت اتصالات كثيرة مع كبار المسؤولين من العراق وغيره واجتمعت مع بعضهم في إسطنبول لكي أشرح لهم وجهة نظري لكي نخرج بنتيجة مثمرة تؤسس لمشروعي أرضية نبني عليها المرحلة القادمة، وقد أسميت هذا المشروع “المجلس الوطني لحكومة إنقاذ العراق” واستمررت فيه إلى أن انخرط فيه كثير من المعارضين العراقيين، سواء أكانوا كتلًا أم أشخاصًا مستقلين، ثم انتقلت إلى عدة مراحل إلى أن وصلنا إلى مراحل متقدمة، وكانت بعض الاجتماعات مع قيادات هذه الدول، وأنا لا زلت أعمل على هذا ولي مواعيد قادمة رسمية مع أكثر من دولة أسأل الله ـ تعالى ـ أن ييسر هذا المشروع الذي أتوقع فيه خلاص العراق مما هو فيه.
لا شك أن يواجَه هذا المشروع الوطني الذي فيه خير البلاد والعباد من قِبل أعداء الأمة إعلاميًّا، ويقوم بعض المأجورين بهدم المشاريع الوطنية التي تصب في مصلحة البلاد، وقد حاول بعضهم أن يشتريه ليكون في صالح دولة ما، ولكني أعرف مخاطر هذا الطريق، إنه الشراء لا أكثر وأعتبر فشله أفضل من بيعه وهذه هي الخلاصة.
هذا ما أردت أن أجعله في مقدمة مقالتي أزمة الخليج.
• إعطاء الضوء الأخضر لإيران لضرب السعودية:
كثير من السياسيين يعلمون هذه النقطة، أنه لا تحرّك إلا بإذن من أمريكا، فأمريكا هي التي سلطت إيران على العراق وسوريا، وأمريكا هي التي سلطت الروس على سوريا، وأمريكا هي التي جعلت ( ٥٢ ) عصابة تابعة لإيران تقتل وتنهب وتسلب في العراق لأجل تهجير أهل السنة منه لكي يخلو لها الأمر فيه، وهناك أمور كثيرة جدًّا، لا نريد أن نعيدها هنا، ولكن نقول: إن أمريكا هي التي أعطت الضوء الأخضر لإيران لضرب السعودية، ولا شك أن هذا الأمر قد درس وسمح بتمريره وعدم كشفه لكي يكون، ثم يبدأ المشروع من بعده، وإلا فكما قلت في تغريدة على تويتر: كيف تمر كل هذه الصواريخ والطائرات وأمريكا نائمة والدفاعات الجوية نائمة ؟ ولكن هو توريط إيران في هذا ليكون منه بداية نهاية لها.
• ضمانات أمريكية لإيران:
عندما نقول: اليهود، فهذا يعني أنهم اليهود الذين لم يتركوا شاردة ولا واردة إلا استخدموه بحيلة ومكر منهم، فهم الذين بدؤوا بتقسيم العالم العربي والإسلامي منذ دخول صدام حسين إلى الكويت فأعطوه الضوء الأخضر لكي يقوده غباؤه لتقسيم الأمة وتفتيتها، وقد حصل ولا يخفى على من عاصر تلك المرحلة، فكانت هذه البداية، ثم تطورت إلى أن وصلت إلى احتلال العراق والعالم العربي يتفرج، ليس له حيلة للدفاع عن نفسه، فاليهود يدرسون كل صغيرة وكبيرة لأجل الإيقاع بالأمة ونهب أموالها وتفتيت شعوبها، فهم الذين امتطوا إيران وروسيا، وهم الذين عرفوا كيف يضعفون روسيا لكي تكون تابعة لهم، وهذا بحث قد يطول في كيفية استخدامهم لأدوات إضعاف روسيا، وعندما انتهوا من إيران حركوها ضمن ضمانات بأن يخرجوها من هذه الحادثة، وهي ضرب شركة أرامكو السعودية، وأوهموها أنهم سيتصرفون وينهون هذه الأزمة بطريقة سلسة من غير عائد سلبي على إيران، ولكن الذي ثبت الآن والذي تجهله السياسية الإيرانية أن أمريكا قد استغلت هذا الموقف للتهريج على صفقة ضرب إيران مبدئيا، وهذا لأجل أن تنصاع لهم الدول مع مشروع ضرب إيران، وبالمناسبة فإن إيران كانت تقيم علاقات مع بعض الدول التي تعتقد أنها معها في ساعة الصفر، كروسيا مثلا والصين، واليوم سمعت بعض الأخبار التي تقول: إن الصين قد تغير موقفها من إيران، والتي عقدت معها صفقة بـ ( ٤٤٠ ـ مليار ) دولار عندما عرضت عليها إحدى الدول العربية أنها ستستورد منها ما قيمته ( ٥٠٠ ـ مليارمليار ) وهكذا هي السياسة الخارجية التي تلعبها بعض الدول الناجحة والتي تدير بلدانها بطريقة احترافية، بالملخص نقول: إن الضوء الأخضر قد انقلب إلى أحمر، فهنيئًا لنا بتقسيم إيران، ولكن السؤال هو: هل المرحلة القادمة ستكون لصالح المنطقة أم هي لصالح اليهود أيضًا ؟
• تحريض الدول ضد إيران
بالطبع كل هذه العناوين التي تقدمت ـ وستأتي ـ هي ملخص تغريدة لي باسم أزمة الخليج، ولم أكن أنوي الكتابة عنها لانشغالي وعدم تفرغي للكتابة منذ وقت طويل، وذلك بسبب مشروعي السياسي كما تقدم، والذي جعلت جلّ وقتي في خدمته، ولكني رأيت أنه لا بد من الكلام لعله يكون نافعًا في هذا الوقت وفي هذه الأزمة. فتحريض الدول ضد إيران هو عبارة عن فن سياسي واستراتيجي دقيق يكون بين مؤسسات الدولة الاستراتيجية في رسم مخطط وخطوات مدروسة لا تحتمل الثغرات المخلة بالمشروع، فبدأت السياسة الأمريكية بقيادة يهودية تنتقل من مرحلة إلى مرحلة في بعض الدول، فمنها أعمال عدائية من إيران ضد هذه الدول، ومنها ما هو إجراءات من إيران ضد بعض الدول، بأوامر أمريكية أيضًا، ومنها بعض التصريحات لمسؤولين إيرانيين على وزن ما سبق، وهنا تبدأ الدول باتخاذ مواقف من إيران وتعمل على جهتين، قد تكون جهة منهما موقفها سلبي من إيران وتتحين الفرصة لكي تشارك في عمل ما ضد إيران. وهكذا تنجح الدراسات التي أعدت لهذا الأمر.
• إدخال الدول الغربية في أزمة نفطية
تحت هذا العنوان تلعب أمريكا لعبتها فتصطنع أزمة من خلال أوامرها لإيران بضرب السعودية، فتبدأ الدول ـ ومنها الأوربيةالأوربية ـ بالتأثر، وحسب ما تقدم فإن المخطط جاهز ومدروس دراسة متقنة، وهنا تبدأ أمريكا بالعمل على هذا الوتر لضرورة القيام بعمل ضد إيران لتصدير البترول لهذه الدول وبسلاسة، بعد أن تحجم إيران ـ ولا أقول: تقسمها أيضًا لكي لا تتخذ الدول موقفًا من أمريكا ـ وبالفعل تبدأ الدول باستساغة هذه الفكرة، أنه لا بد من تحجيم إيران لكي تتخلص كل دولة من أزمتها النفطية، هنا يكون المخطط قد تجاوز مرحلة لابأس بها.
• حث السعودية على قيادة حرب ضد إيران
وهنا وبعد كل هذه الإنجازات تحاول أمريكا أن تسند بداية تقسيم إيران إلى دولة متضررة منها كالسعودية، فتهيئ لها كثيرًا من الدول لكي تقف إلى جانبها ولكي يكون مشروع أمريكا شبه دولي ـ بمعنى: أن يكون موقف تقسيم إيران دوليًّا ـ، ولا أشك في نجاح مثل هذا المشروع إذا كان وراءه مؤسسة كمؤسسة راند الأمريكية للدراسات الاستراتيجية ففيها عقول قد بناها برنارد لويس، كـ هنري كيسنجر وكونداليزا رايس وغيرهم من الساسة الذين تلقوا العلم والحقد من هذا الإنجليزي اليهودي الذي بسبب أفكاره لا زلنا نرضخ تحت قياداتهم من غير منازع.
• منع تصدير النفط من دول الخليج وإيران
وهذا الأمر قد سئلت عنه من قبل أحد السياسيين: ماذا تقول في أزمة الخليج أو عن الذي يحصل في الخليج ؟ فقلت له: هي السيطرة الأمريكية على نفط المنطقة من غير منازع، وهذا الأمر في بداية أزمة الخليج، قلت له: أمريكا ستفتعل أزمة ما لقيادة العالم ضد إيران، وكما أوهمتهم أنها ستدخل العراق لأنه أصبح خطرًا على العالم من خلال صناعته لبعض المواد المحرمة دوليًّا ـ حسب زعمهم ـ فهي كذلك ستدخل إيران لغرض منعها عرقلة تصدير النفط، وبالفعل حصل ما كنت أتوقعه، ولكني قلت للأخ السائل: إن أمريكا ستسيطر على عبدان من خلال أزلام لها يتولون هذا الأمر، ثم هي مسيطرة من غير منازع على العراق، وكذلك ستسيطر على مدخل مضيق هرمز لتكون عليه حراسة تمنع تصدير النفط لباقي دول العالم بحجج قد تفتعلها في الأيام القادمة، فيكون العالم قد دخل في صلب الأزمة والكل منهك من هذه الحرب التي قسمت إيران، وأمريكا لا زالت تتفرج على هذه الدول التي ورطتها من غير نتائج ملموسة، فتبدأ المرحلة القادمة وهي استضعاف كل دول العالم الأخرى مقابل الدولة الأمريكية.
قد يقول قائل، قد تجتمع الدول ضد أمريكا، فأقول لهم: إن الدراسات الأمريكية قد تطرقت لهذا الأمر وستستخدم هذه الدولة الماكرة لوبيها والمجندون عندها من كل دولة، فتُحدث اضطرابًا في هذه الدولة أو تلك، كما فعلت في فرنسا عندما شعرت بالخطر وقالت: يجب على الدول الغربية أن تشكل جيشا للدفاع عن أوروبا من الخطر الأمريكي.