خاطرة بقلم/ فالح الشبلي
لقد كنا أمةً دانت لها الأرض سياحةً واكتشافًا وعلمًا وهمةً في نشر العلم، كنا نختار من الأرض ما مهد الله لنا، حتى وصل أجدادنا إلى الصين وأوربا وهذا قبل اكتشاف أمريكا وأستراليا، ولم يكن صعبًا علينا الوصول إلى هاتين القارتين واكتشافهما قبل مَن اكتشفهما. كان الناس يتعلمون منا ويأخذون من علومنا ويدرسون في جامعاتنا وكان مما يُبرز ثقافة الأوربي استخدامه لبعض الألفاظ العربية أثناء حديثه، ليبين أنه درس وتعلم عند العرب، فصنع سلفنا وأجدادنا ما لم تقدر عليه أوربا آنذاك، وهكذا سمت الأمة بين الأمم فانتصرت، وكل هذا بقربها من الله ـ جل وعلا ـ وامتثالها لأمره ووقوفها عند نواهيه، واستثمر الفرد العربي حرية الإبداع فكان يفكر ولا يصطدم بمثبط أو مانع حتى أبدع العرب وأذهلوا العالم في كافة العلوم ولهذا استحقوا أن يسودوا.وعندما أُهملت ـ مع الأسف ـ ضوابط الشرع دخلت شهوات الدنيا وبعُد مَن بعُد عن دينه فسهل ارتكاب المحرمات، وتدرج معهم الشيطان إلى أن أوصلهم إلى مرحلة دنيئة فنشأ عندهم التسابق إلى المعاصي وانعكس على الأخلاق فكانت هذه بداية استبعاد الأمم لنا، وأول هذه النكبات قتل المسلمين في إسبانيا ـ وتشمل الآن أسبانيا والبرتغال وشيئًا من فرنسا، وأعني به إقليم الباسك ـ فقتلوا شر قِتلة وتفنن أعداؤنا بعدها في قتلنا فخسرنا ما أكرمنا الله به ولم يكتف أعداؤنا باحتلال أرض المغرب العربي: سبتة ومليلة. وهكذا كان التراجع إلى يومنا هذا فأصبحت أمتنا من أضعف الأمم وهذا كله بعد أن تفرقت كلمة الأمة بالتخطيط والكيد وعمالة البعض، بل إن بعض الدول أغلقت معظم الطرق أمام إبداعات الشعوب وتطلعهم إلى تحرير مغتصباتهم، فقتلوا فينا حتى الكلمة التي ترفع من مستوى شباب الأمة حتى ماتت عندنا التطلعات وبات المفكرون لا يتطلعون إلى أكثر من النظرة المحدودة كنظرة العصفور من داخل القفص، حتى ظن ذلك العصفور أن الطيران جريمة، هذه قصتنا وواقعنا في هذه الأيام وهي مطابقة تمامًا لقصة القفص والعصفور.