خاطرة بقلم/ فالح الشبلي
إن التفاوض بين الدول يعني الخروج بصيغ ترضي الطرفين وتجنبهما نزاعا قد يؤدي إلى نتائج سلبية بينهما، ولكن هذا التفاوض له شقان، الشق الأول: ما يمثله المتفاوض المخلص لأمته وبلاده في الوصول إلى بعض الأهداف التي تصب في مصلحة أمته، وليس من الواجب أن تصب جميعها في مصلحة أمته، والشق الثاني: هو المفاوض المأجور المصطنع لخيانة أمته والذي يعطي المقابل الذي اشتراه ما يطمح به ويحلم. على سبيل المثال: دخول بعض ممن يمثل جزءا من الأمة في مفاوضات مع الدولة اليهودية وإقناع شعوبهم بأن هذا التفاوض هو منطلق أو خطوة لأجل التوصل إلى شيء من حقوقهم من المقابل الذي يعتبر العدو، كما حصل بين مصر والدولة اليهودية حينما افتعل جمال عبد الناصر حربا وهمية معها لكي تتوسع على حساب الأراضي المصرية، وبالفعل قامت الحرب الوهمية وانكسرت فيها القوات المصرية آنذاك تحت مخطط مدروس متفق عليه مسبقا وهو احتلال سيناء لكي يأتي من خلَف جمال عبد الناصر فيطلب التفاوض على إرجاع سيناء ثم تكون على إثرها اتفاقية كامب ديفيد التي أجبرت الشعب المصري على السلام مع الدولة اليهودية المفروضة على الشرق الأوسط، إضافة إلى البنود الأخرى التي ألزم الطرف الراعي لهذه المفاوضات الحكومة المصرية بها، فبموجب هذه الاتفاقية يلتزم الطرفان بعلاقات سياسية واقتصادية وتبادل تجاري إلى غير ذلك من الأمور التي أجبرت هذا الشعب العربي على قبول مجموعة قرارات تصب في مصلحة الدولة اليهودية تحت جبروت الحكم المقابل لشعبه العربي وفرض هذه المصالحة عليه، فازدهرت الدولة اليهودية على حساب الدولة المصرية وعانى الشعب من هذه الاتفاقية ما عاناه، لقد كانت هذه الاتفاقية أقرب ما تكون إلى العداء الظاهري يقابلها الاتفاق المدسوس ضد الشعب المصري الذي خولته الدول الغربية في حكم هذا الشعب والسيطرة عليه تحت أسماء شتى عنوانها الذل والكبت والتقييد، يتبين لنا في الخلاصة أن بعض المفاوضات ظاهرها العداء وباطنها الاتفاق ضد الشعوب وهذا بالمختصر، فليست كل المفاوضات تجري لصالح الشعوب.