مقالة بقلم/ فالح الشبلي
مما لا شك فيه أن بلاد الحرمين الشريفين تحمل همّ الأمة كلها وهذا واجبها تجاه دينها، نعم قد نقول: سياسة دول، ويدخل في السياسة ما هو مغاير في الظاهر لما تقدم، ولكن الهدف منه يكون تحقيق مصلحة الأمة التي قد لا يدركها الفرد العادي، فعندما تقدم السعودية على عمل ما فلا بد أن يكون فيه الخير للأمة إن شاء الله فأمن السعودية يتعلق بأمن المنطقة وكلما كانت المنطقة مضطربة غير مستقرة ينعكس هذا على الأمن في المملكة، وينعكس انشغالاً واستعداداً وترقباً لما يتمخض وينتج عنه ذلك الاضطراب. وهذا الانشغال حتماً سيكون مكلفا للمملكة شيئا ما.
• زيارة الصدر للسعودية:
مع الأسف إني أختلف مع السعودية في اختيار قبول مقتدى الصدر، فهذا الرجل لا يحمل أدنى مسؤولية تجاه العراق أو المنطقة بل هو إنسان تافه منافق لا يحمل مقومات القيادة، لقد كان الصدريون في مرحلة فراغ بعد وفاة أبيه، وحين دخلت أمريكا إلى العراق في مرحلة انتقالية بعد صدام حسين ـ الذي كان حاكما شموليا وكان العراق في عهده دولة شاملة للقيادة ـ تحول بعدها إلى دولة مجزأة مبعثرة القيادات والكل يسعى إلى السيطرة على قسم من البلاد، حينها أراد الصدريون أن يشاركوا، ولكنهم ـ على مستوى أسماء قياداتهم آنذاك ـ لن يجدوا الاستجابة ليصبحوا قوة تفرض نفسها على المنطقة، وهكذا سوف يتبعثرون ويتشتتون تحت اسم قد لا يستقطب الكثير من العراقيين الذين لن يتجاوبوا معه، فارتأوا أن يطرحوا اسم مقتدى الصدر قائدا للتيار الصدري في العراق لكي ينافس الأحزاب الأخرى التي تم تدريبها وتهيئتها في إيران، مثل قوات بدر التي يمثلها سياسيا المجلس الأعلى بقيادة الحكيم، بالمناسبة فإني أنزه الصدريين من العمالة لإيران أثناء حكم صدام حسين أما بعده فقد خلطوا ولكن ليسوا كغيرهم، ومع الأسف فإن اختيار السعودية لهذه الشخصية لم يكن موفقا ولا أراه يخدم المشروع السعودي الذي أجهل كثيرا من فقراته إن لم أجهله كلية، ولكني أراه مشروعاً يسعى إلى الخير، وعليه: فرؤيتي تدور حول أن الصدر قد يتمرد على اتفاق السعودية معه وقد يكون أمرا قد دُرس من القيادات الشيعية بإرساله لاكتساب ما يمكن اكتسابه من السعودية وكشف مشروعها ضد الموالين لإيران، وبهذه الحيلة قد يفشل المشروع السعودي بتفاصيله الدقيقة.
هذه رؤيتي التي أرجو أن يحملها المسؤولون السعوديون بمحمل الدقة ومعرفة مبدأ هذا الرجل، فكما خان الصدريون من قبل فقد يخونون من بعد ويكررون خيانتهم، ومعروف عنهم أنهم قتلوا أهل السنة بأبشع الطرق وأحرقوا المساجد وقاموا بمجازر راح ضحيتها المئات يوميا وكانوا يتلذذون بالقتل والتنكيل بالرجال والنساء والأطفال من السنة، وما جرى ويجري في العراق لا يخفى على أحد فهم ليسوا بأحسن حال من الحشد الشيعي بل قد يكونون في الإجرام سواء متماثلين وذلك لأن الجميع يعمل تحت مخطط يهودي بتنفيذ إيراني، وبدوري أخاطب المملكة العربية السعودية وأحثها على استقطاب أهل السنة من القيادات المخلصة لمشروع التحرر من الهيمنة الإيرانية المجوسية والعودة إلى عراق عربي مسلم يعمل على إحلال الأمن في المنطقة وحماية جزء من الأرض العربية ضد المخططات الصهيونية، وبهذا ستكسب أمرين:
الأول أنها تكون قد قوّت أهل السنة بهذا الدعم ولحفظ أهل السنة نقاط تخدم الخطة السعودية.
الثاني: ستكون الكفة أرجح مع القوى الشيعية العربية التي نطمح في} وقوفها مع أهل السنة.
لقد أشغلني هذا الموضوع منذ زيارة الصدر للسعودية وإلى هذا اليوم وأنا أصارع أفكاري والشيطان، لماذا لم يكن هذا المشروع سنيا ؟ ولماذا باعت السعودية أهل السنة ؟ لماذا السكوت عما يُفعل بالعراق ؟ ولماذا يُترك أكثر من عشرة ملايين سني من غير استثمارهم لمشروع إنقاذ العراق ؟ وغيرها أكثر، أرجع وأقول: كلي ثقة بقرارات المملكة العربية السعودية ولكن هذا الكلام هو من باب الفضفضة بصوت عال.