خاطرة بقلم/ فالح الشبلي
يقوم المحتل بدراسة كل ما يخص البلد المقصود، فلا يترك شاردة ولا واردة إلا يقف عليها ويخصص لها علاجا، وكل طموحه أن تصب هذه المعالجة في مصلحته بطريقة أو أخرى، ويستثمر كل شيء لها، فإذا عجز عن استثماره عالجه أيضاً لصالحه بكل ما يملك؛ لكي يبقى أخف ضرراً عليه، فيصنع من مواطني البلد خدماً له، وهذا معروف قد لا يحتاج إلى توضيح، ولكن هناك أشياء قد يعلمها البعض ولا يعلمها البعض الآخر، وهي من الأشياء البدهية التي تتأسس تلقائيا أو بشكل شبه تلقائي بعد الاحتلال، ألا وهي المعارضة لهذا الاحتلال، فكما ينجرف البعض لصالح الاحتلال وخدمته، يتكون عنصر مغاير يؤسس كياناً ضده، ومثلما يدرس المحتل كل ما يصب في مصلحته، تدرس المعارضة أيضاً كل ما هو متيسر لها للوقوف ضد هذا الاحتلال، وهنا يكون الشد من كلا الطرفين، فيقوم الاحتلال بما أتيح لهُ من مقومات بدراسة المعارضة ويستخدم كل نفوذه لكي يجذبها لتحقيق مصلحته، وفي حال فشله يجعلها ترواح في مكانها، وهذا أيضاً يدرسه ويحاول أن يوجد سبلاً للتنفذ والدخول إلى هذا المكون لكي يستثمره كما تقدم، فطرق محاولة الاستغلال كثيرة وقد يكون البعض منها أيسر من الآخر، وقد تجد محاولة احتضان المعارضة ممن هو أسوأ من الاحتلال، وتكون لهُ أجندات في هذا البلد يسعى لتنفيذها عن طريق هذا المعارض، والآخر يكون مسانداً للمحتل بحكم خضوعه له، وأخص في بعض الأحيان المحتل من الدول الكبرى التي تخضع لها دولٌ ظاهرها الاستقلال، فتجد هذه المعارضة تتحرك وفق مايريد المحتل لإشغالها في معتركٍ داخلي قد يلهيها عن الهدف الرئيس، فيكون الاقتتال فيما بينها أقوى وأشد ما يكون ضد المحتل، وهذا أمرٌ قد نعايشهُ ونعرف عنه الكثير مع الأسف، فتظل هذه المعارضة ترواح من غير تقدم ولا تصل حتى لمجرد إزعاج المحتل، وهذا لا شك مبتغى العدو المتكبر المتجبر، بحيث يجعل من المعارضة عنصراً خفيا يخدم الاحتلال أيضاً، وهذا لا يكون إلا من عبقرية العدو الذي أسس وعمل جاهداً ليل نهار في غرفٍ مغلقة تثمر نتائجها بعض الأحيان أسرع من المتوقع.
هذه عجالة أردت أن أبسط فيها بعضاً من المكر الذي يتخلق به المحتل الذي استحوذ على بلدي العراق، ويخطط للاستحواذ على بلدان كثيرة تصبح في النها١ية مجرد ولايات تابعة للولايات المتحدة الأمريكية.