مقال بقلم/ فالح الشبلي
الغوطة الشرقية: هي ذلك المكان المبارك الذي أخبر عنه النبي – صلى عليه وسلم – بقوله: ” ﻓﺴﻄﺎﻁ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻳﻮﻡ اﻟﻤﻠﺤﻤﺔ اﻟﻜﺒﺮﻯ ﺑﺄﺭﺽ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ اﻟﻐﻮﻃﺔ، ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺩﻣﺸﻖ، ﺧﻴﺮ ﻣﻨﺎﺯﻝ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ “. إن لهذا الحديث مكانًا في قلوب المؤمنين، فسارع الكثير منهم إلى دراسته، وتفسيره، وشرحه، والتبليغ عنه، وتوجهت الأبصار مترقبةً إياه: متى يكون هذا؟ وكيف يكون؟ وهل سيكون في زماننا؟ ثم كان ما حدث، وبدأت الأمور تنكشف، وتنجلى شيئًا فشيئًا، وبدأ التمحيص، وتهيئة الفرد المسلم في الغوطة، وغيرها، بعد أن تكالبت عليها الأمم كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم -، فصنع هذا المكان جيلاً لا يمكننا إلا أن نشبهه بالجيل الأول، وهو جيل الصحابة الذين نذروا أنفسهم، وما يملكون لله -جل وعلا- مع فارق الأفضلية التي أخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم أخبر عن إخوانه الذين آمنوا به، ولم يرَوه.
• تحشيد الروس على الغوطة:
بعد أن خاضت قوى الكفر مع أهل الغوطة عدة معارك بأوصافٍ شتى، واستخدموا فيها كل ما أُتيح من سلاح حديث، كان انكسار المعتدين، ورأينا هزيمة الجماعة تلو الجماعة، فقد جرب رافضة العراق، فانكسروا -ولله الحمد-، ثم رافضة لبنان، ثم المجوس الفرس، ثم ملل الكفر مجتمعة. وفي كل هذا تنتصر كلمة ” لا إله إلا الله، محمد رسول الله “. وبعد فشل النظام بالانتصار على الغوطة، بعد كل هؤلاء بدأ يُزَج بالنطيحة، والمتردية ممّن اعتلف في أحواضهم، ولكنهم – ولله الحمد – لم ينالوا إلا القتل والهزيمة. وكأن الروس قد يئِسوا من هؤلاء الخونة، فبدؤوا يتجحفلون متناسين معركة الجبل، والتي قبلها، متجاهلين تهدّم، وتفلّش صرح الاتحاد السوفيتي في أفغانستان. وهاهم يلدغون لأكثر من مرة؛ لأنهم ملّة كفر نسوا أنهم يواجهون شبابًا طلبوا الشهادة -كما يطلبون هم الحياة-. وهذا في حدّ ذاته انتصار للأمة، فتكون المعادلة أن الاتحاد السوفيتي يخسر، ويتجزأ مقابل أفغانستان، وها هي ذي روسيا تنكسر، وتتجزأ، وستكون الغوطة لهم كفيتنام لأمريكا -بإذن الله جل وعلا-.
• مناصرة الغوطة:
هذه فقرة مهمة جدًّا؛ لأن مناصرة المؤمن للمؤمن واجب، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” اﻧﺼﺮ ﺃﺧﺎﻙ ﻇﺎﻟﻤﺎ، ﺃﻭ ﻣﻈﻠﻮﻣﺎ …. ” فهنا يحث النبي -صلى الله عليه وسلم- على الانتصار للمظلوم من الأمة، وكذلك الانتصار للظالم من الأمة، وذلك بكفه عن الأذى. وهذا يعود إلى التربية النبوية. فالغوطة تعرضت -وتتعرض- لأبشع هجمة همجية لم تكن مسبوقة من قبل، فهذه الأرض الطيبة التي -وكما ذكرنا تتجهز لأمر ما- تحتاج إلى عون الأمة قاطبة؛ لأنه في المقابل قد اجتمعت عليها الأمم لقتلها، وفي هذه الحال يتوجب على الأمة الاستنفار؛ لردع هذه الأمم؛ كي نحافظ على وطن الإسلام ككل، فلا نخسر الغوطة، ونخسر ما بعدها.
• أرض الغوطة:
” أهل مكة أدرى بشعابها “، هذه مقولة توضح لنا أن أهل المكان أدرى به من غيره، ففي القتال عليه يكون المدافع أكثر تمكنًا من المهاجم. وهذا الذي يجعلني أقول: إن الغوطة ستكون مقبرة للمعتدين، وسجنًا وخضوعًا لهم، فأهل الغوطة ليسوا لقمة سائغة كما يعتقد العدو، بل ستكون عَصِيَّةً عليهم -إن شاء الله-، فتضع حدًّا لأطماع الطامعين، وتكون ملاذا للأمة في آخر الزمان، بل يُسشهد بها على هزيمة الروس والفرس، كما استشهد بفيتنام على أمريكا – هكذا أتوقع – قال الله – تعالى -: ” إن ينصرْكم اللهُ فلا غالبَ لكم “.