مقال بقلم/ فالح الشبلي
في بداية الثورة السورية كان التطابق واضحاً ما بين التأسيس والتأصيل، والتنفيذ والعمل، فانطلقت الثورة المباركة، وغايتها التخلص من الظلم والعبودية، وانطلق الكل تحت هذا الاسم، ثم تطورت من سلمية إلى مسلحة عسكرية، ثم تشكلت الفصائل والألوية، إلى أن تطورت وأصبحت جيوشاً تحكم معظم الأراضي السورية، وكل هذا بالطبع بمساعدة الأشقاء والأصدقاء، ولكن ما إن أوشكت موازين القوى تتغير إلا وقد بدأ أعداء هذا المشروع التحرري بزج من يحارب مع البعث المقترب من الهلاك التام، ثم بدأت مرحلة المفاوضات التي يبدو أنها لا تبدأ إلا بعد أن تبلغ الثورة مستوى معيناً يخيف أعداء الأمة. لا نستطيع الآن بهذه العجالة شرح ما حصل للبلد، فهذا الأمر مكشوف للجميع، ووصلنا إلى مرحلة جعلتنا نشك في البعض أنه ينفذ مخططات صهيونية؛ لتجزئة البلدان العربية، ولم تكن بغائبة الأهداف التي في الأساس قامت الثورة من أجلها.
• المبادئ الثابتة:
انطلقت الثورة، وحاول الجميع المشاركة فيها، فمنهم من استخدمته سياسات الدول، فكان عبارة عن منفذ، وليس بثائر صاحب هدف، بل هو مجرد أداة تنفذ المخططات بصرف النظر عن عين هذه المخططات، وبصرف النظر هي لصالح مَن، وبهذا نجح الطرف الثالث بصرف بعض الثوار عن مساره، فجنّده مقاتلاً بالنيابة عنه – من حيث يعلم أو لا يعلم -، وكان بعض الثوار أصحاب مبدأ، وما زال على موقفه منذ انطلق، والسبب أنه متشبث بأهداف الانطلاقة، وذلك من خلال القواعد التي انطلق منها، والتي لا يطرأ عليها التحريف والتبديل، فكان منهجه الكتاب والسنة، فبات هذا المكون صعباً على من أراد تشتيت الثورة، وهنا تبدأ الدراسة الحقيقية من قبل داعم الثورة، من هو الثابت، ومن الذي يستحق أن يضاعف له الدعم؛ كي تتحقق المصالح التي بدأت منها الثورة، وهذا لا شك لا يكون إلا من خلال عوامل كثيرة، منها اعتماد هذه المجموعات على نفسها بعض الأحيان إذا ما نشط الداعم، بمواصلة العمل مع هذه الجماعة أو تلك، وكي نصل إلى ما أردنا الانتهاء منه يجب علينا أن نتفهم كيف أصبح الكل يحارب الثورة.
• مصالح الدول:
إن سياسات معظم الدول ـ للأسف ـ ليس لها مواقف ثابتة، فمن خلال التهديد، أو الضغط يبدأ المرء بترك المبادئ – إن لم نقل: إنه قد يجنح للعمل ضد هذه الثورة -، فتكون المصيبة مصيبتين، وهكذا تبدأ المفاوضات، والمساومات على من حمل السلاح؛ كي يصبح حراًّ، فيتغلب عليه من ناصره، وكذلك من احتضنه، فيصبح غريباً بينهم يلتمس الأعذار؛ لكي يبرئ نفسه من الانتساب إلى الثورة.
• تكتل الدول:
وهذا قد يكون على العدو من أصعب الأمور، ولا شك أن من درس التاريخ الإسلامي يجده عبارة عن فتوحات وتكتلات، وهذا ما نسميه الآن بالولايات المتحدة، وهنا تتشكل أمم تحت راية واحدة، وهذا ما حصل في بداية تشكل الدولة الإسلامية، فقد تجمعت القوميات تحت اسم واحد، وهو الإسلام. وهنا نرى أنه قد فات الثورة أن تأخذ الحذر من عدونا اليهودي، إذ كيف يترك هذه الدولة تتحرر كي تعود كتلة واحدة، وفتوحات جديدة تجمع الشتات كما كانت ؟ وقد يكون هناك زيادة على ما كان، فنشطت الدولة اليهودية إلى محاربة من بدأ، لكن بإذن الله لن تستطيع إنهاء ما بدأنا به، فإيماننا يعلم يقيناً أن العاقبة للمتقين.