مقال بقلم/ فالح الشبلي
لو أن نبدأ هذه المقدمة بقول لبدأناها بقول الله تعالى: { والعاقبة للمتقين }
فتحت ظلال هذه الآية عاشت الأمة بالأمل فأبدعت ونجحت، وعندما نرجع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: اعقلها وتوكل فسننجح أيضاً بتوكلنا على الله جل وعلا، فمن توفيق الله للأمة أنه هيأ لها بعض الأمور المنطقية المعقولة، فافعل الأسباب ثم توكل على الله ثم تكون العاقبة للمتقين.
في هذا المقال ندرس نجاحات العدو، فهي وإن كانت في بمواقع محدودة ولكننا نعدّها ناجحة وهذا له أسباب كثيرة، منها ترك العمل للعدو والتعامل معه بحسن نية، فهذا يجعل منه ناجحاً بامتياز ويعجل بتحقيق مخططاته. إن نجاحات العدو قد تكون كاملة أو جزئية، ولكننا في حال استدراكنا للمخطط بكشفه سيواجَه بالمعوقات بلا شك، فلا يحقق النجاح بامتياز أو على أقل تقدير سيكون هناك عثرة في طريق تنفيذ هذا التخطيط.
في هذا المقال أريد التطرق إلى نقاط أربع في وهي:
• نجاح الانقلاب التركي:
في البداية قد يجد القارئ هذا العنوان خاطئاً، ولكني حاولت أن أبدأ هذا الباب بهذا الاسم حتى وإن كان من قبيل المجاز، نعم أتجاوز وأقول إنه ليس مجازاً بل هو الحقيقة وهذا قد يغضب البعض ولكن الواقع يقول ذلك ويعترف به، لقد ساندنا الحكومة التركية المتمثلة في الرئيس رجب طيب أردوغان منذ بداية سماعنا بخبر الانقلاب ثم واكبنا وتابعنا الأخبار بشغف وهذا لاشك من شدة حرصي على اجتماع الأمة وسموها وحرصي كذلك على قيادات الأمة الأفاضل، إذن السؤال هو: كيف نجح مجازاً وكيف يصبح حقيقة وكيف …. ؟
إن القيادة التركية والجيش التركي بات يضرب بهما المثل في قوة الإدارة وحسن التصرف والسرعة في التنمية وأمور أخرى، هذا مما أزعج الدول الغربية والتي تمثل اليهود، فكان العدو الأول لهذا النجاح هم اليهود الذين يعمل كل الغرب بحسب مخططاتهم، فكان المخطط هو انقلاب بعدهُ تُحكم تركيا وفق ما يريده الغرب كي لا تكون من الدول المتقدمة بأي شكل من الأشكال، فوقع الانقلاب بإرادة الغرب وفشل بالإجمال، ولكن هنا نستدرك ونقول : إن الغرب عندما خطط لهذا الانقلاب ألم يختر صفوة القادة ثم صفوة الساسة ثم صفوة الوجهاء بصرف النظر عن عيوب أخرى تكون فيهم ؟ ولكن بطريقة أو أخرى وصل إليهم وهنا يكمن الجواب بقولي نجاح الانقلاب، وذلك لأنهم بذلك قد قسموا الدولة التركية إلى قسمين وهذا بعد التصفية فأردوغان يعمل الآن على تصفية المؤسسات من المتورطين واجتثاثهم وهذا بحد ذاته يعد انتصاراً لمن خطط للانقلاب فبهذه التصفية تفقد الدولة أموراً كثيرة منها السياسي ومنها العسكري والخدمي …. إلخ فيتراجع تخطيط الدولة ونظامها المؤسساتي إلى نقطة متأخرة كي يبدأ من جديد، وبذلك يكونون قد خسروا قيادات شتى في كل المجالات، إذن من باب النصيحة لأن ( الدين النصيحة ) نرجو من الحكومة التركية اختيار القيادات الكفء وبسرعة إن كانت تريد إفشال مخططات الأعداء وألا يوكل الأمر إلى غير أهله فنكون بهذه التجربة الجديدة التي نضيفها إلى تجربة الرئيس أردوغان قد خرجنا بنتيجة مميزة نستطيع من خلالها مصارعة العدو والفوز والتغلب عليه بإذن الله.
• نجاح العدو في تشتيت الثورات :
على وزن نجاح الانقلاب يأتي من بعده نجاح العدو في تشتيت الثورات.
لقد بدأ العدو وأعوانه يدرسون كل الطرق والسبل من أجل جرف الثورة إلى خطوط أخرى لم تكن ضمن هدفها، فدخل على الثورة بأفكار شتى، وسخر لهذه الآراء كل ما أوتي من قوة فكان للثورات مسار تدخل فيه وحوله إلى مسارات شتى، فتداخل مع أهل العرقيات بالعرقيات ومع أصحاب المذاهب بالمذاهب، وكذلك مع من لم يرسم له خريطة بداية ونهاية استغله لصالحه وجنده، وذلك لأنه ليس له هدف ساعيا وراء ملذاته، فبدأ يصفي البعض بالبعض وجند البعض تحت مذاهب هدامة تقتل بوجه وتتآمر على الأمة بوجه آخر، وهم منسوبون إلى الإسلام والإسلام منهم براء، وبذلك استطاع أن يجعل الثورة تراوح مكانها، حيث سلط بعضنا على بعض فتحولت الوجهة من ثورات ضد الظلم إلى ثورات مع الظلم، وهكذا يخطط اليهود وأعوانهم ضد التحرر والأحرار.
من المؤسف أن يجبر الإنسان على الكتابة تحت هذا الباب، ولكننا نكتب كي نذكّر بعض من يبحث عن الخير لعله يستفيق من نومه.
• نجاح مخطط التقسيم:
هذا الباب هو الهدف الأول في هذه النجاحات، فالمطلوب من جوار إسرائيل أن تتحول إلى دويلات بدلا من أن تكون دولاً، ولكن ساسة اليهود لم يبينوا ماهي هذه الدويلات المطلوب إنشاؤها كما خطط لها قادة الصهاينة، فنحن نجهل الكيفية التي ستكون عليها هذه الدويلات الجديدة هل هي بمطار وجيش وشرطة وبُنى تحتية ووزارات أم ماذا ؟ ولكن عندما عايشنا الثورات اتضح الأمر فكانت هي على ماوضحناه في الباب السابق، فتجد منها العرقي ومنها الديني ومنها غير الديني وغير ذلك، فتبين لي أن هذه الدويلات والتي بدأت بمنع أصحاب البلد الواحد من الارتحال والتنقل من وإلى المناطق، كما منع حزب الله بقية الطوائف في لبنان من الدفاع ومهاجمة إسرائيل، ومنع الدروز المسلمين من إسرائيل، وكذلك فعلت داعش، ومنع الخونة بعض مواطنيهم من إسرائيل، وهكذا أصبح اليهود يرعون قطيعاً من الأغنام ليس لهم قائد وليس لهم كلمة مفرقون مشتتون يقتلون ويصلبون ويسرقون ويحاربون كل من اقتفى أثر النبي وانتهج منهجه فأخذوا منه السلاح ومنعوا عنه الطعام فلا حول ولاقوة إلا بالله.
• نجاحه في صناعة الأعداء:
هذا الباب قد يكون هو المهم بالنسبة لكل الأبواب السابقة، ففي تأصيل العداء مابين المسلمين ـ أو على أقل تقدير مابين أبناء البلد الواحد ـ من النجاحات ما لايحلم بها الأعداء، فنصب العداء للثورة من أبناء البلد يعد من أكبر الخيانات التي لاتغتفر، فكانت وللأسف شريحة من أبناء البلاد الثائرة قد وقفت ضد الثورة وكأنهم لم يخرجوا في يوم ما ضد الحاكم ولسان حالهم يقول: إنما كنا نلعب، وهذا من المعروف أنه لايصدر من إنسان ذي عزيمة وهمة، فأهلُ العزيمة ماضون في طريقهم الذي رسموه، فهم لم يخرجوا للشارع عبثاً بل خرجوا بهدف، ولو كان هدفهم شيئاً آخر فهم خلال هذه الفترة قد حصلوا على مايريدون وأكثر، ولكننا ظننا بإخواننا كل الخير فهم لايريدون إلا الخير للأمة والرقي بها وإعلاء كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، وكي تكون هذه الكلمة هي العليا وكلمة الكفر هي السفلى فهم يعدون لجيل لايعرف الخيانة كبعض المرتزقة الذين تاجروا بدماء المسلمين، فلا شك أننا نضمن لهم بإذن الله النصر وهذه فيها آيات كثيرة والعاقبة للمتقين.