بقلم/ فالح الشبلي
ابن لهيعة: عبد الله بن لهيعة بن عقبة أبو عبد الرحمن المصري اختلف الناس في جرحه فضلاً عن توثيقه وأصبح الناس فيه مذاهب بل قد تجد للناقد له فيه قولين فمنهم من ضعفه مطلقاً، ومنهم من نسبه للاختلاط، ومنهم من تركه… إلخ ولم أفضل أن أسرف في ترجمته فكانت دراستي مقتصرة على من وضح أمره وتكلم عليه لأن الجرح مقدم على التعديل كما هو معلوم إذا كان مفسراً وهذا الذي أحتاجه لبحثي فأقول وبالله التوفيق: الذين ضعفوه مطلقاً منهم يحيى بن سعيد القطان قال الترمذي: ابن لهيعة ضعيف عند أهل الحديث ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره من قبل حفظه. [الجامع: ح/10].
وقال الحميدي عن يحيى بن سعيد: كان لا يراه شيئاً. [التاريخ الكبير: 5/82 ـ 83 ـ ت/6644]، [التاريخ الصغير: ص/69 ـ ت/190]، [الجرح والتعديل: 5/146ـ ت/682]، [ضعفاء العقيلي: 2/294 ـ ت/869]، [الكامل لابن عدي: 5/238 ـ ت/977]، [تاريخ دمشق: 32/153].
وقال معاوية بن صالح سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الله بن لهيعة الحضرمي ضعيف. [ضعفاء العقيلي: 2/696ـ ت/869].
وقال عثمان بن سعيد: قلت ليحيى بن معين: كيف رواية ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر؟ قال: ابن لهيعة ضعيف الحديث. وقال عثمان في موضع آخر: ابن لهيعة كيف حديثه عندك؟ قال: ضعيف. [سؤالاته:س/533]، [الجرح والتعديل:5/147 ـ ت/682]، [المجروحين لابن حبان: 1/505 ـ ت/532]، [الكامل لابن عدي: 5/237 ـ ت/977]، [تاريخ دمشق: 32 /155].
وقال ابن طهمان: ابن لهيعة ليس بشيء تغير أو لم يتغير. [سؤالاته: ص/108 ـ س/342].
وقال ابن الجنيد: قلت ليحيى: فسماع القدماء والآخرين من ابن لهيعة سواء؟ قال: نعم سواءٌ واحد. [سؤالاته: ص/ 393 ـ س/502].
وقال ابن محرز: سألت يحيى بن معين عن ابن لهيعة فقال: ليس هو بذاك.
وقال أيضاً: وسمعت يحيى مرة أخرى يقول:ابن لهيعة ضعيف الحديث.
وقال أيضاً: وسمعته مرة أخرى: ابن لهيعة في حديثه كله ليس بشيء.
وقال أيضاً:سمعت يحيى مرة أخرى يقول: وسئل عن حديث ابن لهيعة قال: ابن لهيعة ضعيف في الحديث كله لا في بعضه. [سؤالاته: 1/67 ـ س/ 134].
قال أحمد بن محمد الحضرمي: سألت يحيى بن معين عن عبد الله بن لهيعة فقال: ليس بقوي في الحديث. [ضعفاء العقيلي: 2/696 ـ ت/869]، [تاريخ دمشق: 32/155].
قلت: وقد فرق بعض أهل العلم بين ليس بالقوي وليس بقوي فقالوا: الأولى تنفي عنه بعض القوة، والثانية تنفي عنه مطلق القوة.
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الله بن لهيعة ليس حديثه بذلك القوي. [الجرح والتعديل: 5/ 147 ـ ت/682]، [تاريخ دمشق: 32 / 154].
وقال الأحوص بن المفضل:أنا أبي قال: أبو زكريا: ابن لهيعة ليس بذاك القوي. [تاريخ دمشق: 32/154].
وقال عباس الدوري عن يحيى: ابن لهيعة لا يحتج بحديثه. [سؤالاته: س/ 5388]، [ضعفاء العقيلي: 2/696 ـ ت/869]، [الكامل لابن عدي: 5/237 ـ ت/977]، [تاريخ دمشق: 32/155].
قلت: وهذا مذهب ابن معين في ابن لهيعة كما مرّ آنفاً فلم يفرق بين سماع المتقدمين منه أو المتأخرين وقبل احتراق كتبه أو بعدها، بل هو ينفي احتراق كتبه من الأصل كما سيأتي.
وقال عبد الرحمن: نا حرب بن إسماعيل الكرماني فيما كتب إليَّ قال: سألت أحمد بن حنبل عن ابن لهيعة فَضَعَّفَهُ. [الجرح والتعديل: 5/147 – ت/682]، [تاريخ دمشق: 32 / 154].
وقال أبو حاتم الرازي بعد أن سأله ابنه عبد الرحمن عن بعض الأحاديث: هذا من تخاليط ابن لهيعة. [العلل: 4/37 ـ س/1133 4/38 ـ س/ 1134 6/558 ـ س/2755].
وقال عبد الرحمن قلت لأبي: لم حكمت برواية ابن لهيعة وقد عرفت ابن لهيعة وكثرة أوهامه؟ قال أبي: في رواية ابن لهيعة زيادة رجل ولو كان نقصان رجل كان أسهل على ابن لهيعة حفظه. [العلل: 2/426 ـ 427 ـ س/488].
وقال مرة: هذا حديث منكر جداً وكأن مروان تأخر سماعه من ابن لهيعة فهو يحدث بمثل هذا. [العلل: 6/30 ـ س/2290].
وقال عبد الرحمن: سألت أبي وأبا زرعة عن ابن لهيعة والأفريقي أيهما أحب إليكما فقالا: جميعاً ضعيفان بين الإفريقي وابن لهيعة كثير أما ابن لهيعة فأمره مضطرب يكتب حديثه على الاعتبار قلت لأبي: إذا كان يروي عن ابن لهيعة مثل ابن المبارك وابن وهب يحتج به؟ قال: لا. [الجرح والتعديل: 5/147 ـ ت/682 5/235 ـ ت/1111]، [تاريخ دمشق: 32 / 156 34/361].
قلت: وهذا مذهب لأبي حاتم فلا يحتج بابن لهيعة حتى وإن حدث عنه ثقة.
وقال عبد الرحمن: سئل أبو زرعة عن ابن لهيعة سماع القدماء منه؟ فقال: آخره وأوله سواء إلا أن ابن المبارك وابن وهب كانا يتتبعان أصوله فيكتبان منه وهؤلاء الباقون كانوا يأخذون من الشيخ وكان ابن لهيعة لا يضبط وليس ممن يحتج بحديثه من أجمل القول فيه. [الجرح والتعديل: 5/147 – 148 – ت/682]، [تاريخ دمشق: 32 / 156].
وقال النسائي: ضعيف. [الضعفاء والمتروكين: ص/153- ت/363]، [الكامل لابن عدي: 5/239 ـ ت/977]، [تاريخ دمشق: 32 /156].
وقال الجوزجاني: ابن لهيعة لا يوقف على حديثه و لا ينبغي أن يحتج به ولا يغتر بروايته. [أحوال الرجال: س/274]، [الكامل لابن عدي: 5/239 ـ ت/977]، [تاريخ دمشق: 32/155].
وقال الدارقطني: ابن لهيعةلا يحتج بحديثه. [السنن: 1/129 ـ ح/243 3/ 9 – ح/1981].
وقال أيضاً: لا يحتج به. [العلل: 5/347 ـ س/940].
وقال مرة: ابن لهيعة ليس بالقوي. [السنن: 2/162- ح/1331].
وقال السلمي: وسألته – يعني: الدارقطني – عن عبد الله بن لهيعة؟ فقال: يضعف حديثه. [سؤالاته: ص/207 ـ س/209]، [وانظر السنن:1/129 ـ ح/244]. [تاريخ دمشق: 32/157].
وقال ابن عدي: وحديثه حسن كأنه يستبان عمن روى عنه وهو ممن يكتب حديثه. [الكامل:5/253 ـ ت/977].
قلت: والواضح من كلام ابن عدي يحسن حديثه بالنظر للراوي عنه، وإلا هو ضعيف عنده كما سيأتي.
وقال مرة: وعبد الله بن لهيعة له من الروايات والحديث أضعاف ما ذكرت وحديثه أحاديث حسان، وما قد ضعفه السلف هو حسن الحديث يكتب حديثه وقد حدث عنه الثقات: الثوري وشعبة ومالك وعمرو بن الحارث والليث بن سعد. [الكامل 5/251 – ت/977]، [تاريخ دمشق: 32/157].
قلت: وهذا ليس بقياس فالثقات يحدثون كذلك عن الضعفاء والمتروكين فقد يكون ثقة عند الأول ويكون ضعيفاً عند غيره.
وقال أيضاً: ولحنين بن حكيم غير ما ذكرت من الحديث قليل ولا أعلم يروي عنه غير ابن لهيعة ولا أدري: البلاء منه أو من ابن لهيعة إلا أن أحاديث ابن لهيعة عن حنين غير محفوظة. [الكامل :3/401 ـ ت/566].
وقال كذلك: ضعيف. [الكامل: 5/240 – ت/977].
وقال ابن خزيمة: ابن لهيعة ليس ممن أخرج حديثه في هذا الكتاب إذا تفرد برواية وإنما أخرجت هذا الخبر لأن جابر بن إسماعيل معه في الإسناد. [صحيحه: 1/75 ـ 76 ـ ح/146]، [تاريخ دمشق: 32/157].
قلت: وهذا يعني أن ابن خزيمة يحتج بروايته إذا توبع وإلا لا وهو عنده ضعيف.
وقال الخطيب: …ابن لهيعة ذاهب الحديث. [تاريخ بغداد:11/114 ـ في ترجمة عبد الجبار بن أحمد السمسار].
احتراق كتب ابن لهيعة:
وهناك من أثبت احتراق كتب ابن لهيعة وجعل هذا الأمر سبباً لسوء حفظه أو لضعفه ومنهم من أنكر احتراق كتبه بالكلية وسيأتي فمن هؤلاء: يحيى بن معين فقد ذكر عند يحيى احتراق كتب ابن لهيعة فقال: هو ضعيف قبل أن تحترق وبعدما احترقت. [الكامل لابن عدي: 5/238 ـ ت/977]، [تاريخ دمشق: 32/147].
قلت: وهذا يعني أن لابن معين قولين في احتراق كتبه وهذا قبل علمه من أهل مصر بنفي احتراق كتب ابن لهيعة والله أعلم.
وقال عمرو بن علي: عبد الله بن لهيعة احترقت كتبه فمن كتب عنه قبل ذلك مثل ابن المبارك وعبد الله بن يزيد المقرئ أصح من الذين كتبوا بعدما احترقت الكتب وهو ضعيف الحديث. [الجرح والتعديل: 5/147ـ ت/682]، [الكامل لابن عدي: 5/239 – ت/977]. [تاريخ دمشق: 32/148].
قلت: نعم إن كان قول عمرو بن علي على ما فهمت فهذا هو الصحيح فرواية العبادلة: ومن ألحق بهم أصح من غيرها وليس بصحيحة لأن ابن لهيعة ضعيف في بداية أمره ومتروك في آخر عمره.
وقال السجزي عن الحاكم: لم يقصد ابن لهيعة الكذب ولكن احترقت كتبه، فحدَّث من حفظه فأخطأ فيه. [سؤالاته: ص/135 – س /133].
الذين نفوا احتراق كتب ابن لهيعة:
قال ابن طهمان: ابن لهيعة ليس بشيء قيل ليحيى: فهذا الذي يحكي الناس أنه احترقت كتبه؟ قال: ليس لهذا أصل سألت عنها بمصر. [سؤالاته: ص/97 ـ س/298].
وقال أيضاً: ابن لهيعة لم يحترق له كتاب قط. [سؤالاته: ص/115 ـ س/370].
وقال ابن الجنيد قال لي يحيى بن معين: قال لي أهل مصر: ما احترق لابن لهيعة كتاب قط… [سؤالاته: ص/393 ـ س/499].
وقال عبد الله الدورقي قال يحيى بن معين: أنكر أهل مصر احتراق كتب ابن لهيعة والسماع منه واحد القديم والحديث. [الكامل لابن عدي: 5/238 ـ ت/977]، [تاريخ دمشق: 32/147].
وقال الأحوص بن المفضل: نا أبي قال: يحيى بن معين: لم يحرق كتاب ابن لهيعة. [تاريخ دمشق: 32/ 152 ـ 153].
وقال البرذعي: وقال لي أبو زرعة قال يحيى ـ يعني: ابن بكير ـ احترق حصن لابن لهيعة فبعث إليه الليث بمئة دينار وأنكر يحيى أن يكون احترقت كتب ابن لهيعة. [سؤالاته: ص/345]، [تاريخ دمشق: 32/157].
وقال أبو زرعة: لم تحترق كتبه ولكن كان رديء الحفظ. [تاريخ دمشق: 32/157].
وقال الآجري سمعت أبا داود يقول: قال ابن أبي مريم: لم تحترق كتب ابن لهيعة ولا كتاب إنما أرادوا أن يرققوا عليه أمير مصر فأرسل إليه أمير مصر بخمسمائة دينار. [سؤالاته: 2/174 ـ 175 ـ س/ 1512].
وقال محمد بن يحيى بن حسان سمعت أبي يقول: ما رأيت أحفظ من ابن لهيعة بعد هشيم فقلت له: إن الناس يقولون: احترقت كتب ابن لهيعة فقال: ما علمت لهُ كتاباً. [الجرح والتعديل: 5/148 ـ ت/682 ـ وفيه: ما غاب لهُ كتاب]، [تاريخ دمشق: 32/143].
وقال أحمد بن شبويه قلت لأبي الأسود ـ يعني: النضر بن عبد الجبار ـ كان لابن لهيعة كتب؟ قال : ما علمت بكتب. [الجرح والتعديل: 5/146 ـ 147 ـ ت/682]، [تاريخ دمشق: 32 / 149].
المقدم من السماع عنه :
قال نعيم بن حماد: سمعت ابن مهدي يقول: ما أعتد بشيء سمعته من حديث ابن لهيعة إلاّ سماع ابن المبارك ونحوه. [ضعفاء العقيلي: 2/694 – ت/869].
وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: قال ابن المبارك: من كتب عن ابن لهيعة منذ عشرين سنة ليس بشيء. [سؤالاته: ص/ 170 – س/26]، [المعرفة والتاريخ: 2/185]، [تاريخ دمشق: 32/153].
وقال علي بن سعيد النسائي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: من سمع من ابن لهيعة قديماً فسماعه أصح قدم علينا ابن المبارك سنة تسع وسبعين فقال: من سمع من ابن لهيعة منذ عشرين سنة فهو صحيح قلت: سمعت من ابن المبارك؟ قال: لا. [المجروحين لابن حبان: 1/505 ـ ت/532].
قلت: وقول أحمد: من سمع ابن لهيعة قديماً فسماعه أصح هذا لا يعني أن سماعهم القديم صحيح بل هو أصح من المتأخر كما يقال: أصح ما في الباب لا يعني صحة الحديث.
التدليس:
وقد اتهم ابن لهيعة بالتدليس فتفرد الإمام ابن حبان بذلك فقال: وكان شيخاً صالحاً ولكنه كان يدلِّس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه ثم احترقت كتبه في سنة سبعين ومئة قبل موته بأربع سنين وكان أصحابنا يقولون: سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة عبد الله بن وهب وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن يزيد المقريء وعبد الله بن مسلمة القعنبي فسماعهم صحيح، ومن سمع بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيء وكان ابن لهيعة من الكاتبين للحديث والجماعين للعلم والرحالين فيه. [المجروحين: 1/504 ـ ت/ 532].
وقال أيضاً: قد سبرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجوداً وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيراً، فرجعت إلى الاعتبار فرأيته كان يدلِّس عن أقوام ضعفى على أقوام رآهم ابن لهيعة ثقات فألزق تلك الموضوعات به. [المجروحين: 1/505 ـ ت/532].
كان يقرأ كل ما دفع له:
قال الميموني سمعت أحمد يقول: ابن لهيعة كانوا يقولون: احترقت كتبه فكان يؤتى بكتب الناس فيقرؤها. [الضعفاء للعقيلي: 2/695 ـ 696 ـ ت/ 869] [تاريخ دمشق: 32 / 148].
وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: إحترقت كتب ابن لهيعة زعموا كان رشدين بن سعد قد سمع منه كتبه فكانوا يأخذون كتبه فلا يأتونه بشيء إلا قرأ. [سؤالاته: ص/ 246 ـ س/256].
وقال نعيم بن حماد سمعت يحيى بن حسان يقول: جاء قوم ومعهم جزء فقالوا: سمعناه من ابن لهيعة فنظرت فيه فإذا ليس فيه حديث واحد من حديث ابن لهيعة قال: فقمت فجلست إلى ابن لهيعة فقلت: أي شيء ذا الكتاب الذي حدثت به؟ ليس ههنا في هذا الكتاب حديث من حديثك ولا سمعتها أنت قط قال: فما اصنع بهم؟ يجيئون بكتاب فيقولون : هذا من حديثك فأحدثهم به. [المجروحين: 1/506 – ت/532].
قلت: وهذا يعني أنه كان يقبل التلقين.
وقال قتيبة بن سعيد: كل شيء كان يدفع إلى ابن لهيعة كان يقرؤه .[التاريخ الأوسط: 2/150- 151 175]، [المجروحين لابن حبان: 1/ 380 ـ في ترجمة رشدين بن سعد]، [تاريخ دمشق: 32/149].
وقال موسى بن العباس: ثنا أبو حاتم، سألت أبا الأسود، قلت: كان ابن لهيعة يقرأ ما يدفع إليه؟ قال: كنا نرى أنه لم يفته من حديث مصر كبير شيء فكنا نتتبع أحاديث من حديث غيره عن الشيوخ الذين يروي عنهم فكنا ندفعه إليه فيقرأ. [الكامل لا بن عدي: 5/238ـ ت/977]، [تاريخ دمشق: 32/149].
وقال ابن سعد: عبد الله بن عقبة بن لهيعة الحضرمي من أنفسهم يكنى أبا عبد الرحمن وكان ضعيفاً وعنده حديث كثير ومن سمع منه في أول أمره أحسن حالاً في روايته ممن سمع منه بآخره وأما أهل مصر فيذكرون أنه لم يختلط، ولم يزل أول أمره وآخره واحداً ولكن كان يُقرأ عليه ما ليس من حديثه فيسكت عليه فقيل له في ذلك فقال: وما ذنبي؟ إنما يجيئون بكتاب يقرؤنه ويقومون ولو سألوني لأخبرتهم أنه ليس من حديثي. [الطبقات الكبرى: 9/524]، [تاريخ دمشق: 32/138].
وقال ابن حبان: وأما رواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه ففيه مناكير كثيرة وذاك أنه كان لا يبالي ما دفع إليه قرأه، سواء كان ذلك من حديثه أو من غير حديثه فوجب التنكب عن روايته والمتقدمين عنه قبل إحتراق كتبه لما فيها من الأخبار المدلسة عن الضعفاء والمتروكين ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين عنه بعد إحتراق كتبه لما فيها مما ليس من حديثه. [المجروحين: 1/506 ـ ت/532].
وقال يعقوب بن سفيان: وسمعت أحمد بن صالح يقول: كتبت حديث ابن لهيعة عن أبي الأسود في الرق قال: كنت أكتب عن أصحابنا في القراطيس وأستخير الله فيه فكتبت حديث ابن لهيعة عن النضر في الرق فذكرت لهُ سماع القديم وسماع الحديث فقال: كان ابن لهيعة طلاباً للعلم صحيح الكتاب وكان أملىٰ عليهم حديثه من كتابه قديماً فكتب عنه قوم يعقلون الحديث وآخرون لا يضبطون وقوم حضروا فلم يكتبوا وكتبوا بعد سماعهم فوقع علمه على هذا إلى الناس ثم لم تخرج كتبه وكان يقرأ من كتب الناس فوقع في حديثه إلى الناس على هذا فمن كتب بآخره من كتاب صحيح قرأ عليه على الصحة ومن كتب من كتاب من كان لا يضبط ولا يصحح كتابه وقع عنده على فساد الأصل قال: وكان قد سمع من عطاء من رجل عنه ومن رجلين عنه فكانوا يدعون الرجل والرجلين ويجعلونه عن عطاء نفسه فيقرأ عليهم على ما يأتون.. [المعرفة والتاريخ: 2/184].
وقال يعقوب بن سفيان: وسمعت ابن أبي مريم يقول: كانت كتب حيوة بن شريح عند وصي له قد كان أوصى إليه، وكانت كتبه عنده فكان قوم يذهبون فينسخون تلك الكتب فيأتون به ابن لهيعة فيقرأ عليهم. [المعرفة والتاريخ: 2/185]، [تاريخ دمشق: 32/152].
وقال عبد الرحمن سمعت أبي يقول: سمعت ابن أبي مريم يقول: حضرت ابن لهيعة في آخر عمره وقوم من أهل بربر يقرؤون عليه من حديث منصور والأعمش والعراقيين فقلت له: يا أبا عبد الرحمن ليس هذا من حديثك فقال: بلى هذه أحاديث قد مرت على مسامعي فلم أكتب عنه بعد ذلك.
وقال ابن أبي مريم: ما أقر به قبل الاحتراق وبعده. [الجرح والتعديل: 5/146ـ ت/682]، [الكامل لابن عدي: 5/237ـ ت/977]، [تاريخ دمشق: 32/149 ـ 150 ـ 151].
قلت: نعم وهذا هو الصواب ما أقر به قبل وبعد الإحتراق.
وقال عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد: ابن لهيعة مصري لا يكتب حديثه احترقت كتبه وكان من جاء بشيء قرأه عليه ومن وضع حديثاً فدفعه إليه فقرأه عليه. [تاريخ دمشق: 32/156].
من ترك الكتابة عنه:
قال الإمام مسلم: تركه ابن مهدي ويحيى ووكيع. [الكنى: ص/519 ـ ت/2060]، [تاريخ دمشق: 32 /140].
وقال محمد بن حريث: سمعت أبا زرعة الرزاي يقول: وسألته عن ابن لهيعة فقال: تركه أبو عبد الله – يعني: البخاري -. [تاريخ بغداد: 2/23 – في ترجمة البخاري ]. [تاريخ دمشق: 52 /76].
وقال محمد بن المثنى: ما سمعت عبد الرحمن – يعني: ابن مهدي – يحدث عن ابن لهيعة شيئاً قط. [ضعفاء العقيلي: 2/694ـ ت/869].
وقال علي بن المديني سمعت عبد الرحمن بن مهدي وقيل له: تحمل عن ابن لهيعة؟ قال: لا لا تحمل عنه قليلاً ولا كثيراً. [الجرح والتعديل: 5/146 ـ ت/682]. [الكامل لابن عدي: 5/238 ـ ت/977]. [المجروحين لابن حبان: 1/505 ـ ت/532]. [ضعفاء العقيلي: 2/694 ـ ت/869].
وقال عبد الرحمن نا أبي قال: سمعت إبراهيم بن موسى يحكي عن بعض المراوزة عن ابن المبارك أنه سمع رجلاً يذكر ابن لهيعة فقال: قد أراب ابن لهيعة – يعني قد ظهرت عورته -. [الجرح والتعديل: 1/271 5/146 ـ ت/682]، [تاريخ دمشق: 32/153].
وقال يحيى بن سعيد القطان: قال بشر بن السري: لو رأيت ابن لهيعة لم تحمل عنه حرفاً. [الجرح والتعديل: 5/146 ـ ت/682]، [الكامل لابن عدي: 5/238 ـ ت/977]، [المجروحين لابن حبان: 1/505 ـ ت/ 532]. [تاريخ دمشق : 32/152 ـ 153 153].
وقال عبد الله حدثني أبي قال حدثنا خالد بن خداش قال لي ابن وهب ورآني لا أكتب حديث ابن لهيعة: إني لست كغيري في ابن لهيعة فاكتبها. [العلل ومعرفة الرجال :
2/131 – ت /1784 3/268ـ 269 – ت/5190]، [الضعفاء للعقيلي: 2/ 696 – ت /869]، [تاريخ دمشق: 32/144].
وقال الآجري: سمعت أبا داود يقول: سمعت قتيبة يقول: كنا لا نكتب حديث ابن لهيعة إلا من كتب ابن وهب وابن أخيه ـ يعني: ابن أخي ابن لهيعة – إلا من كان من حديث الأعرج. [سؤالاته: 2/175 – س/1512].
وقال الدارقطني: …وسمعت أبا طالب الحافظ يقول: من يصبر على ما صبر عليه أبو عبد الرحمن النسائي كان عنده حديث ابن لهيعة ترجمة ترجمة فما حدث بها وكان لا يرى أن يحدث بحديث ابن لهيعة . [سؤالات السلمي: ص/102 ـ س/33]، [ونحوه: سؤالات السهمي: ص/ 133 – س/111].
قلت: وأنا مذهبي في ابن لهيعة أنه متروك أوله سيء الحفظ ضعيف مع تدليس عن الضعفاء وآخره مختلط متروك الحديث.
المصدر: حديث الطير